قالت: «حسنا.» ثم تذكرت كتاب البطريق بنيامين إلى المقوقس وأنه لا يزال معها فقالت: «وقد نسيت شيئا آخر لا أدري ما ذهب به عن ذاكرتي.»
قالت: «وما ذلك؟» قالت: «هذا الكتاب.» وأخرجته من جيبها، فتناولته أرمانوسة وفضته وقرأت ما فيه، وقالت: «هذا يجب إيصاله إلى والدي سريعا، فما العمل؟» فقالت: «نبعثه مع جرجس، فإني قد اختبرت صداقته أيضا، ولكنه ذهب مع صديقه لإنقاذ مارية.»
قالت: «أرسليه بالجواب حالما يعود ولا تبطئي.»
قالت: «حسنا» وباتتا تلك الليلة تفكران في هذه الأمور، فلما أصبح الصباح من نافذة القصر المشرفة على الطريق، كانت بربارة وسيدتها مطلتين من نافذة القصر المشرفة على الطريق، فشاهدتا المركبة وعليها الرجلان والعلم، وبعد قليل وقفت المركبة بإزاء القصر، فنزلت بربارة واستقبلتهما وسألتهما عما كان فأخبراها بنجاة الفتاة من مخالب الموت، وقال مرقس: «إني غريق فضلك وفضل مولاتنا أرمانوسة، ولا أدري كيف أكافئها على هذه المنة، فلا أكاد أصدق أني رأيت مارية حية.»
فقالت بربارة: «هل أنت عازم على المكافأة؟» قال: «نعم.»
قالت: «تمهل قليلا فأخبرك، وأنت يا جرجس تعال معي» فتبعها حتى خلت به في غرفة من غرف القصر وقالت له: «أتحب مولانا المقوقس؟» قال: «نعم، والله يشهد بذلك وأنت تعلمين.»
قالت: «هل عندك للسر مكان؟» قال: «هذا أمر لا تجهلينه أيضا.»
قالت: خذ هذا الكتاب واعلم أنه كتاب سري عليك الاحتفاظ به جيدا، وتطلب إليك مولاتي أرمانوسة أن تخفيه بين أثوابك وتحمله إلى والدها في حصن بابل وتدفعه إليه بغير أن يشعر بك أحد، فهل تستطيع ذلك؟»
فأمسك جرجس الكتاب فقبله وقال: «علي القيام بأمرك، وليكن قلبك مطمئنا، فإن الكتاب سيكون بين يدي سيدي المقوقس غدا إن شاء الله.»
فقالت: «احذر أن ينكشف أمره؛ فإن انكشافه يكون سببا لهلاكنا جميعا. أفهمت ما أقوله لك؟»
Unknown page