117

Aqmar Mushtari

أقمار المشتري

Genres

فكرت ملدريد في أنها لو كانت قد تزوجت من ولفريد في شبابهما، لعرفت أكثر عن عائلته وما تتوقعه من أفرادها. ملدريد وولفريد تزوجا وكل منهما في أواخر مرحلة منتصف العمر، بعد فترة من التودد لم تتجاوز ستة أسابيع، ولم يكن قد سبق لهما الزواج من قبل؛ فقد كان ولفريد كثير الترحال، أو هكذا زعم. كان يعمل على قوارب البحيرة وفي معسكرات معالجة الأخشاب، وساعد في بناء البيوت وضخ الغاز وتقليم الأشجار، وامتد عمله من كاليفورنيا وحتى يوكون، ومن الساحل الشرقي إلى الغرب. أمضت ملدريد معظم حياتها في مدينة ماكجو التي تبعد عن لوجان حيث تعيش حاليا مسافة 20 ميلا، وكانت ابنة وحيدة، وتلقت دروسا في الرقص الإيقاعي (الكلاكيت)، ثم أرسلت للدراسة في كلية إدارة الأعمال، ومن كلية إدارة الأعمال انتقلت للعمل في مصنع تول شو في مدينة ماكجو، وسرعان ما أمست حبيبة السيد تول صاحب المصنع، وظلت على علاقة به.

وفي الأيام الأخيرة من حياة السيد تول قابلت ملدريد ولفريد. كان السيد تول محتجزا في مستشفى الأمراض النفسية المطل على بحيرة هورون، وكان ولفريد يعمل حارسا هناك. كان السيد تول يبلغ من العمر اثنين وثمانين عاما، ولم يكن يستطيع التعرف على ملدريد، لكنها واظبت على زياته على أية حال، وكان يناديها باسم سادي، وهو اسم زوجته. كانت زوجته قد قضت نحبها آنذاك، لكنها كانت على قيد الحياة عندما كان السيد تول وملدريد يخرجان في نزهات ويقيمان بالفنادق معا، ويقضيان أوقاتهما في الكوخ الذي اشتراه السيد تول لملدريد على شاطئ أمبرلي، وخلال الفترة التي عرفته فيها، لم تسمعه يتكلم قط عن زوجته سوى بطريقة جافة وبنفاد صبر. والآن، وهو في المستشفى، كان عليها أن تسمعه وهو يقول لسادي إنه يحبها، ويطلب منها أن تغفر له. وإذ تظاهرت بأنها سادي، قالت ملدريد إنها سامحته. كانت تخشى أن يزل لسانه باعتراف ما عن امرأة سوقية داعرة اسمها ملدريد، ومع ذلك، لم تكف عن زيارته. لم يكن قلبها ليسمح لها بأن تتخلى عنه، كانت هذه مشكلتها دائما. ولكن عندما يظهر الأبناء أو البنات أو أخوات سادي، كان يتعين عليها أن تختفي، ولما فوجئت بأحدهم ذات مرة، اضطرت أن تطلب من ولفريد أن يساعدها على الخروج من مخرج خلفي، وبعد أن تسللت، جلست على حجر إسمنتي إلى جوار الباب الخلفي ودخنت سيجارة، وسألها ولفريد عما ألم بها من خطب. كانت مستاءة، ولم يكن لديها أحد في ماكجو تفضي إليه بمكنون صدرها، فأخبرته بما حدث، بل وأطلعته حتى على الرسالة التي تلقتها من أحد المحامين يطلب فيها منها إخلاء كوخ أمبرلي. وطوال الفترة التي قضتها مع السيد تول كانت تحسب أن الكوخ باسمها، لكنه لم يكن كذلك.

انحاز لها ولفريد، وعاد إلى الداخل ليتجسس على عائلة السيد تول التي جاءت لزيارته، وأخبرها أنهم جلسوا يحدقون في العجوز المسكين كالغربان الواقفة على سياج. لم يوضح لملدريد ما كانت تعرفه بالفعل: أنها كان يجب أن تضع في اعتبارها السيناريو الأسوأ الذي كان على وشك الحدوث. هي نفسها قالتها. «كان علي الاختفاء من حياته عندما كان ذلك في صالحي، حين كنت لا أزال أملك بعض المميزات.»

قال ولفريد بعقلانية: «لا بد أنك كنت تهيمين به عشقا.»

أجابته ملدريد بحزن: «لم يكن حبا قط.» تجهم ولفريد وشعر بحرج شديد. فأحست ملدريد أنها يجب ألا تسترسل، ولم تستطع أن تشرح على أية حال السر وراء افتتانها بالسيد تول خلال الفترة التي كان فيها أحسن حالا، عندما كانت حاجته لها ماسة لدرجة جعلتها تظن أنه سيغير مسار حياته تماما من أجلها.

زهقت روح السيد تول في منتصف الليل. اتصل ولفريد هاتفيا بملدريد في السابعة صباحا ليعلمها بنبأ وفاته.

قال لها: «لم أرد أن أوقظك، لكنني أردت أن تعرفي الخبر قبل أن تسمعيه على الملأ.»

وبعدها دعاها لتناول العشاء معه في أحد المطاعم، ولأنها كانت معتادة على السيد تول وآدابه، دهشت من سلوكيات ولفريد على المائدة. أحست بتوتره؛ فقد انزعج لأن النادلة لم تحضر كئوس الماء. قالت له ملدريد إنها ستستقيل من عملها، وإنها تريد أن تبعد عن ماكجو، وربما ينتهي بها المقام إلى الغرب.

قال ولفريد: «ولم لا ينتهي بك المقام في لوجان؟ لدي بيت هناك. إنه ليس بالبيت الكبير، لكنه يسع شخصين.»

فاستوعبت الموقف كله؛ توتره الشديد، واستياءه من النادلة، وتصرفاته الحنونة معها، الأمر كله مرتبط بها. سألته إن سبق له الزواج من قبل، وإلا فلم لم يتزوج؟

Unknown page