فأظهر الفضل إعجابه وقال: «هذا طلبتي، فأين هو الآن؟ ابحث لنا عن مكانه!»
فعاد سلمان إلى الكتاب وقلبه، ونظر في القدح قليلا، ثم وضع القدح وصفق وقال وهو يشير بيده إلى خارج بغداد: «هو خارج بغداد على جواده في صحراء بعيدة وعليه لباس السفر.»
فصاح الفضل: «هرب؟! هرب الخراساني الملعون؟ هل رأيت خادمه؟»
فأعاد نظره إلى القدح وقال: «لا أرى معه أحدا.»
فقال: «وهل عرفت بالتنجيم شيئا عن خادمه أو رفيقه؟»
فعلم سلمان أنه يعنيه هو؛ لأن الذي أطلع الفضل على خبر بهزاد ذكر أن معه رفيقا وأنهما جاءا معا لمهمة سرية من خراسان، فلما عادا إلى بغداد أمر بالقبض عليهما فلم يظفر بهما. وقد علم سلمان باطلاع الفضل على خبرهما وإرساله الجند للقبض عليهما فسارع إلى إنقاذ بهزاد كما تقدم، فلما سأله الفضل عن رفيق بهزاد تجاهل وقال: «علمت أن له رفيقا يسمونه سلمان؟»
قال: «نعم سلمان. أين هو الآن؟»
فاضطربت جوارحه ولكنه تجلد وقال وهو ينظر في القدح ثم يتلفت يمنة ويسرة: «إنه في بغداد، وأظنه في مدينة المنصور، ولكنني أراه مستترا وقد أقام بينه وبين المنجمين سترا كثيفا، وقد أتغلب عليه وأكشفه في فرصة أخرى.»
فقال الفضل: «إن بقاء سلمان هذا في بغداد غنيمة كبرى تعوضنا عن فرار رفيقه، وقد بلغني أن سلمان هذا يتزيا كل يوم بزي جديد.»
فقال: «ولهذا ظهر لي في المندل مستترا، ولكنه لا يخفى على الملفان سعدون ولو تمنطق بالنجوم وتعمم بالشمس وانتعل القمر. والأمور مرهونة بأوقاتها.»
Unknown page