Allah Kawn Insan

Firas Sawwah d. 1450 AH
136

Allah Kawn Insan

الله والكون والإنسان: نظرات في تاريخ الافكار الدينية

Genres

ما زلت أجد صعوبة في فهم كيفية تناسخ الكارما دون وجود نفس تتناسخ! (ج):

يمكن تشبيه هذه العملية بقيامنا بطبع ختم على شمع طري؛ حيث تنتقل الأشكال والكلمات المحفورة على الختم إلى الشمع مكونة نسخة عنه دون أن ينتقل بين هذا وذاك جوهر ثابت. إن الفرد خلال حياته، على ما يرى البوذا، يكون مجموعة صفات وخصائص وسلوكيات تصير إلى بنية صلبة قبل موته، وهذه البنية الصلبة هي ما ينطبع على الشمع الطري لوجود جديد يتشكل في رحم امرأة ما، ويستعد للانطلاق إلى الحياة. والنقطة الأساسية هنا هي أن كل ما يفكر به ويفعله شخص ما في حياته سوف يستمر في حيوات أخرى لا نهاية لها، ولا خلاص إلا بالخروج من عالم الجريان إلى عالم الثبات الذي لا جريان فيه ولا تغير أو تبدل. وهذا ما تشرحه بقية الحقائق النبيلة.

فالحقيقة الثانية تقول إن سبب الألم والشقاء في الحياة هو الرغبة؛ لأن الرغبة لا يمكن إرضاؤها فهي كالنار زدت فيها حطبا كلما زادت تأججا، وكلما ازداد الفرد طمعا في الحياة دفع أمامه سلسلة من التناسخات المقبلة التي تخلقها الرغبة في استمرار وهم الوجود. والحقيقة الثالثة تقول إن القضاء على الألم والشقاء ممكن، وذلك بالقضاء على الرغبة وعدم التعلق بأسباب الحياة، وهذا ما يهيئ الفرد للخروج من دورة التناسخ والدخول في النيرفانا؛ أي انتقاله من الصيرورة إلى الوجود الحق. أما ما هو شكل هذا الوجود وما هي طبيعته فأمر رفض البوذا التحدث عنه بإصرار. الحقيقة الرابعة تصف الطريق إلى تحقيق النيرفانا، وهو طريق ذو مراحل ثمان، يتضمن كيفية سلوك المريد البوذي في هذه الحياة، وطرائق تفكيره، وسبل عيشه، وكيفية مراقبته لأحاسيسه وأفكاره. إذا كنت تنوي التحول إلى البوذية فسأشرحها لك! (س):

ليس الآن. إن ما سمعته منك منذ بداية حوارنا جعلني في حالة تشوش عقلي وعاطفي. هذه الاختلافات بين كل المنظومات الدينية تسبب لي الدوار. (ج):

المعرفة هي التي تحررك وتجلب لك الطمأنينة. (س):

ولكنها لم تجلب لي حتى الآن سوى الارتباك. (ج):

إذن سأكتفي بشرح المرحلة الأولى والمرحلة الثامنة من مراحل طريق البوذا. المرحلة الأولى يدعوها بالرؤية السليمة، وهي أن يتخلص المرء من الطقوس والخرافات البدائية كلها، وخصوصا ما تعلق منها بالقرابين الحيوانية، وأن يتخلص من الاعتقاد بالأرواح الحالة في مظاهر الطبيعة، وبالجن والعفاريت من أي نوع، ومن الاعتقاد بوجود خالق أعلى للكون يمكنه أن يمد يد العون للإنسان في سعيه إلى التحرر. أما المرحلة الثامنة والأخيرة فهي التأمل السليم، وهو ممارسة الاستغراق الباطني الذي يدفع السالك إلى عتبة الاستنارة؛ ففي جلسة الاستغراق التي نراها في تماثيل البوذا، يقوم المستغرق بتركيز وعيه على الآن وكأن الزمان قد توقف، فلا ماضي للوعي ولا مستقبل، في لحظة متطاولة تبدو وكأنها حاضر أبدي. ولهذا الاستغراق في الممارسة البوذية ثماني درجات توصل الدرجة الأخيرة منها إلى النيرفانا. (س):

لماذا تجنب البوذا الحديث عن حالة الوجود في النيرفانا؟ (ج):

هل تذكر ما قاله إخوان الصفاء في الآيات القرآنية التي تصف أحوال أهل الجنة وأهل النار؟ (س):

نعم. لقد قالوا بأنها مجرد رموز من أجل تقريب حالة الأرواح الناجية إلى ذهن العامة. (ج):

Unknown page