Al-Wajīz fī fiqh al-Imām al-Shāfiʿī
الوجيز في فقه الإمام الشافعي
Editor
علي معوض وعادل عبد الموجود
Publisher
شركة دار الأرقم بن أبي الأرقم
Edition
الأولى
Publication Year
1418 AH
Publisher Location
بيروت
Genres
(كتاب الصلاة(١)، وفيه سبعة أبواب:)
البَابُ الأَوَّلُ في المواقِيتِ(٢)، وفِيهِ ثَلاثةُ فُصُولٍ
(الأَوَّلُ فِي وَقْتِ الرَّفَاهيةِ)، أَّمَّا الظُهْرُ، فيدْخُلُ وقْتُهُ بالزَّوالِ، وهو عبارةٌ عنْ ظهورِ زيادةِ الظِّلِّ
(١) في أ: فلو
(٢) الصلاة في اللغة: الدُّعاءُ. قال الله تعالى (وَصلِّ عَلَيْهِمْ) [التوبة ١٠٣] أي: أدع لهم وقال الأعشى [المتقارب] وَقَابَلَهَا الرِّيحِ فِي دِنَّهَا .. وَصَلَّي عَلَى دَنَّهَا وَارْتَسَمْ.
أي: دعا وكَبَّرَ، وهي مشتقة من الصَّلوَبْنِ، قالوا: ولهذا كتبتِ الصلاة بالواو في المُصْحَفِ. وقيل: هي من الرحمة. والصَّلَوَاتُ، واحدها: صَلاَ كَعَصَا، وهيَ عِرْقَانِ من جانبي الذَّنَبِ، وقيل: عظمان ينْحَنَيَانِ في الركوع والسجود. وقال ابن سيده : الصلا، وسط الظهر من الإنسان، ومن كل ذي أربع، وقيل: هو ما انحدر من الوَرِكَيْنَ، وقيل: الفَرْجَةَ التي بين الجاعرة والذَّنَبِ، وقيل: هو ما عن يمين الذَّنَبِ وشماله، وقيل في اشتقاق الصلاة غير ذلك.
ينظر: لسان العرب: ٢٤٩٠/٤، ٢٤٩١، تهذيب اللغة ٢٣٦/٢، ٢٣٧، ترتيب القاموس: ٨٤٧/٢
واصطلاحاً: عرفها الحنفية بأنها: أركان مخْصُوصَةٌ، وأذكار معْلُومَةٌ بشرائط محصورة في أوقات مقدرة.
وعند الشَّافعية: أقوال وأَفْعال مُفْتَتحَةٌ بالتكبير، مُخْتَتَمَةٌ بالتسليم.
وعند الحَنَابلة: أقوال وأفعال مخصوصةٌ، مفتتحةٌ بالتكبير، مختتمة بالتسليم.
ينظر: الاختيار: ٣٧/١، فتح الوهاب: ٢٩/١، قليوبي على المنهاج: ١١٠/١، المبدع ٢٩٨/١.
وقد فرضت الصَّلاةُ ليلة الإسراء قبل الهجرة بمدَّةٍ وجيزة تبلغ سنَةً أو أقل، وأَوَّلُ ما فرضت على النبيِّر، كانت خمسين صَلَةً في اليوم والليلة، فما زال ◌َّه يطلب التخفيف من رَبِّهِ حتى جعلها خمْساً في الفعل والعمل، وخمسين في الأجْرِ والثواب ﴿مَنْ جَاءَ بِالحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا﴾ وكان كل هذا ليلة الإسراء، ودليل وُجُوبها قبل الإجماع قوله تعالى ﴿وَأَقِيمُوا الصَّلاَةَ﴾ فإن لفظ ((أقيموا)) فعل أمر، والأمر للوجوب، فتكون الصَّلاة واجبةً.
وقوله ربَّهُ ((بني الإِسْلاَمُ على خَمْسٍ: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحجّ البيت لمن استطاع إليه سبيلاً)).
حكمة الصلاة: للصلاة المفروضة حكْمَةٌ عظيمةٌ وفوائد جليلة، ذلك أنها تمْنَعُ صاحبها من إرتكابِ الذنوب، وقُزْبَانِ الفواحش، وفعل المنكرات، قال الله تعالى ﴿إِنَّ الصَّلاَةَ تنهى عن الفَحْشَاءِ والمنكر﴾ كما أنها تبيّن المسلم من الكافر، والبَارَّ منِ الفاجر، والصالح من الفاسق، وفيها إذلال، وتحسُّر من الشيطان؛ حيث أمره الله بالسجود لآدم فأبى واسْتكْبر، وقال: ((أَسْجُدُ لمن خلقتِ طيناً) ولما أمر الله ابْنَ آدم بالسجود لربِّهِ امتثل وأُطَاعَ، ولذلك ورد أن العَبْدَ إذا سجد بكى الشيطان وقال: يا ويلي، أُمِرَ ابن آدم بالسجود فسجد، فله الجنة، وأُمِرْتُ بالسجود فلم أسجد، فلى النار.
على أن الله - سبحانه وتعالى - أراد أن يُكَافِيء العَبْدَ على إسلامه، فجعل له مَنْزِلَةٌ عالية لا يَحْظَى بها إلا من نَطَّقَ بالشهادتين، هذه المنزلة هي وُجُودُ العبد في حَضْرَةِ ربِّهِ، ووقوفه بين يدي ملكه ومالك أمره، ومُناجاته لخالقه ومُصَوِّره، وجعله في السجود مُسْتَجَابَ الدعاء. قال رسول الله بِّهِ ((أَقْرَبُ ما يكون العَبْدُ من ربه، وهو سَاجِد، فأكثروا من الدعاء)).
فائدة في ((شرح المسند)) للرافعي: أن الصُّبحَ كانت صَلاَةَ آدم، والظهر كانت صلاة داود، والعصر كانت صَلَّةً سليمان، والمغرب كانت صلاة يعقوب، والعشاء كانت صلاة يونس، وأورد في ذلك خيرا، فجمع الله - سبحانه وتعالى - جَميعَ ذلك لنبينا وَّه ولأمته تعظيماً له، ولكثرة الأجور له ولأمته.
ينظر: الاختيار: ٣٧/١، فتح الوهاب: ١٩/١ - المبدع ٢٩٨/١.
150