64

Al-Shāfiʿī ḥayātuh wa-ʿaṣruhu – ārāʾuhu wa-fiqhuhu

الشافعى حياته وعصره – آراؤه وفقهه

Publisher

دار الفكر العربي

Edition

الثانية

Publication Year

1398 AH

ومن ذلك أن زيد بن ثابت كان يقول: إذا ملك الرجل امرأته، فاختارت زوجها فهي تطليقة، وإن طلقت نفسها ثلاثاً فهي تطليقة، وقضى بذلك عبد الملك بن مروان، وقد كان ربيعة بن أبي عبد الرحمن يقوله، وقد كاد الناس يجتمعون على أنها إن اختارت زوجها لم يكن له فيه طلاق، إن اختارت نفسها واحدة، أو اثنتين كانت له عليها الرجعة، وإن طلقت نفسها ثلاثاً بانت منه، ولم تحل له، حتى تنكح زوجاً غيره، فيدخل بها ثم يموت أو يطلقها إلا أن يرد عليها في مجلسه فيقول إنما ملكتك واحدة، فيستحلف، ويخلي بينه وبين امرأته.

ومن ذلك أن عبد الله بن مسعود كان يقول: أيما رجل تزوج أمة ثم اشتراها زوجها، فاشتراؤه إياها ثلاث تطليقات، وكان ربيعة يقول ذلك، وإن تزوجت المرأة الحرة عبداً، فاشترته فمثل ذلك.

وقد بلغنا عنكم شيء من الفتيا مستكرهاً، وقد كنت كتبت إليك في بعضها فلم تجبني في كتابي، فتخوفت أن تكون استثقلت ذلك، فتركت الكتابة إليك في شيء مما أنكره، وفيما أوردت فيه على رأيك، وذلك أنه بلغني أنك أمرت زفر بن عاصم الهلالي، حين أراد أن يستسقي أن يقدم الصلاة قبل الخطبة، فأعظمت ذلك، لأن الخطبة في الاستسقاء كهيئة يوم الجمعة، إلا أن الإمام إذا دنا من فراغه من الخطبة فدعا حول رداءه، ثم نزل فصلى، وقد استسقى عمر بن عبد العزيز وأبو بكر محمد بن عمر بن حزم وغيرهما، فكلهم يقدم الخطبة والدعاء قبل الصلاة، فاستهتر الناس كلهم فعل زفر بن عاصم من ذلك، واستنكروه.

ومن ذلك أنه بلغني أنك تقول في الخليطين في المال إنه لا تجب عليهما الصدقة، حتى يكون لكل واحد منهما ما تجب فيه الصدقة، وفي كتاب عمر ابن الخطاب أنه تجب عليهما الصدقة، ويترادان بالسوية، وقد كان ذلك يعمل به في ولاية عمر بن عبد العزيز قبلكم وغيره، والذي حدثنا به يحيى بن سعيد، ولم يكن بدون أفاضل العلماء في عصره، فرحمه الله، وغفر له وجعل الجنة

64