al-naẓariyyāt al-fiqhiyya
النظريات الفقهية
Publisher
دار القلم والدار الشامية
Edition
الأولى
Publication Year
1414 AH
Publisher Location
بيروت
Genres
المنهي عنه، ومهما كانت صورته وكيفيته، وإن هذا الفعل المنهي عنه لا يتصف بصحة أو فساد، أو بطلان، لأنه محرم في مختلف أنواعه وأشكاله، وإن الشارع لم يضع لهذه الأفعال والوقائع المحرمة نظاماً وشروطاً لينطبق عليها حكم الصحة، لوجود أركانه وشروطه، ثم يسلب منه هذا الوصف ويحكم عليه بالفساد والبطلان عند الخلل والمخالفة.
٢ - النهي الواقع على ركن من أركان التصرف، فيدل النهي على عدم مشروعية الفعل من أصله، ومتى ورد النهي على ركن العقد فهذا يدل على بطلانه بطلاناً محضاً، ولا يترتب عليه أثر من الآثار لما مرّ في نظرية البطلان، بأن يرد النهي على الإيجاب أو القبول أو المحل أو الموضوع أو أهلية المتعاقدين، كالنهي عن بيع الملاقيح والمضامين، والنهي عن بيع الملامسة والمنابذة، والنهي عن بيع الميتة والخنزير والخمر، ويكون العقد عليها باطلًا(١).
٣ - النهي الواقع على وصف ملازم للتصرف، وذلك بأن يكون الفعل مشروعاً بأصله وينصرف النهي إلى وصف قبيح فيه، كالنهي عن الربا، والنهي عن الشرط الفاسد في العقد، والنهي عن جهالة الثمن، والغرر في المبيع، والإكراه في المعاملات، وهذا القسم هو محل الاختلاف بين الحنفية وبين الجمهور، فأعطاه الجمهور حكم الحالة السابقة في البطلان، وقال الحنفية: إن العقد في هذه الحالة مشروع الأصل فلا يبطل، وينحصر النهي في الوصف الذي يطلب الشارع اجتنابه وإزالته والبعد عنه، ويكون العقد فاسداً، يستحق الإبطال والفسخ إلا لمانع، فإن نفذ ترتب عليه الحكم الأصلي للعقد، وإن حصل مانع في الفسخ بقي العقد واستقر اعتباره، وثبت حكمه، خلافاً للعقد الباطل الذي لا يترتب عليه أثر، كما سبق بيانه، لأن الباطل ليس مشروعاً بأصله ولا بوصفه، أما العقد الفاسد فهو مشروع بأصله لا بوصفه.
٤ - النهي الوارد على أمر خارجي بالنسبة للتصرف، فالمنهي عنه أمر خارجي، ليس شرطاً في العقد، وغير ملازم له، ولكنه مجاور له، كالبيع أثناء صلاة الجمعة لقوله تعالى: ﴿يا أيُّها الذينَ آمَنُوا إِذَا نُوديَ الصَّلاةِ مِنْ يَوْمٍ
(١) الفروق ٨٣/٢.
105