Al-Kalimat al-Hisan fi Bayan Uluw al-Rahman

Abd al-Hadi bin Hasan Wahbi d. Unknown
97

Al-Kalimat al-Hisan fi Bayan Uluw al-Rahman

الكلمات الحسان في بيان علو الرحمن

Genres

وقدْ قالَ قائلونَ من المعتزلةِ والجهميَّةِ والحروريةِ: إنَّ قولَ الله ﷿: ﴿الرَّحْمَانُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى *﴾ [طه: ٥]، إنَّه استولى وملكَ وقهرَ، وإنَّهُ ﷿ في كلِّ مكانٍ، وجحدوا أنْ يكونَ الله ﷿ على عرشهِ كمَا قالَ أهلُ الحقِّ، وذهبوا في «الاستواءِ» إلى القدرةِ، ولو كانَ هذا كما ذكروهُ كانَ لا فرقَ بينَ العرشِ والأرضِ، فالله سبحانهُ قادرٌ عليها وعلى الحشوشِ وعلى كلِّ ما في العالمِ. فلو كانَ الله مستويًا على العرشِ بمعنى الاستيلاءِ - وهو سبحانهُ مُسْتَوْلٍ على الأشياءِ كلِّها - لكانَ مستويًا على العرشِ وعلى الأرضِ وعلى السَّمَاءِ وعلى الحشوشِ والأقذارِ، لأنَّه قادرٌ على الأشياءِ مُسْتَوْلٍ عليهَا، وإذا كانَ قادرًا على الأشياءِ كلِّها - ولم يَجِزْ عندَ أحدٍ منَ المسلمينَ أنْ يقولَ: إنَّ الله ﷿ مستوٍ على الحشوشِ والأخليةِ - لم يَجِزْ أنْ يكونَ الاستواءُ على العرشِ الاستيلاءَ الذي هو عامٌّ في الأشياءِ كلِّها، ووجبَ أنْ يكونَ معناهُ استواءً يختصُّ العرشَ دونَ الأشياءِ كلِّها» (١). قَالَ الذهبيُّ ﵀: «لو انتهى أصحابُنا المتكلِّمونَ إِلَى مقالةِ أبي الحسنِ هذهِ ولَزِمُوهَا لأحسنوا، ولكنَّهم خاضُوا كخوضِ حكماءِ الأوائلِ فِي الأشياءِ، ومَشَوْا خلفَ المنطقِ، فلا قُوَّةَ إلَّا بالله» (٢). ٥٨ - البَرْبَهَارِيُّ (٣٢٩هـ) قالَ ﵀: «اعلمْ رحمكَ الله: أنَّ الكلامَ في الرَّبِّ تعالى مُحْدَثٌ، وهو بدعةٌ وضلالةٌ، ولا يُتكلَّمُ في الرَّبِّ إلا بما وصفَ بهِ نفسَهُ ﷿ في القرآنِ، وما بيَّنَ رسولُ الله ﷺ لأصحابهِ، فهوَ جلَّ ثناؤهُ واحدٌ: ﴿وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ [الشورى: ١١].

(١) الإبانة (ص٦٩ - ٧١). (٢) العلوّ (ص١٢٥٤ - ١٢٥٥).

1 / 96