السابقين، وأحوال اللاحقين، ومن الدلالة على مكارم الأخلاق، ورفعِ (^١) طرقِ أهلِ الشكِّ والزيغِ والشقاق، بل ولا رطب ولا يابس إلا فيه بالاتفاق، كما قاله (^٢) ابن عباس، تنبيهًا للناس؛ شعر (^٣):
جميعُ العلمِ في القرآن لكنْ … تَقَاصَرُ عنه أفهامُ الرجالِ
فعجزوا عن المعارضة والمقابلة، واختاروا المحاربة والمقاتلة، وعدلوا عن المقاومة بحسن المقال، إلى قرع الصوارم ورشق النبال، مع ما فيها من هلاك النفس وسبي الحريم والأولاد وذهاب الأموال، وضياع الأحوال، وهذا دليل قاطع على عجزهم في مقالهم، كما أخبر الله عن حالهم، في مبدئهم ومآلهم، بقوله: ﴿فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا﴾ [البقرة: ٢٤].
ثم لما وقع الخلاف بين العلماء الأعيان في وجه إعجاز القرآن (^٤) حيث قال بعضهم: هو وقوعه على وجهٍ يفارق أوزان كلام العرب في نظم كلماته وبديع فصاحته، وصنيع بلاغته، حيث جاوزت فصاحةَ كلِّ فصيح من الفصحاء، وبلغت غايةً ما بلغها كلام البلغاء (^٥).