54

Al-athar al-thamīn fī nuṣrat ʿĀʾisha umm al-muʾminīn

الأثر الثمين في نصرة عائشة ﵂ أم المؤمنين

Publisher

دار الفاروق للنشر والتوزيع

Edition

الأولى

Publication Year

١٤٢٣ هـ - ٢٠١٢ م

Publisher Location

عمان

Genres

السَّمُومِ (٢٧)﴾ [الطّور]، فَبَكَتْ، وَقَالَتْ: " رَبِّ مُنَّ، وَقِنِي عَذَابَ السَّمُومِ" (^١).
فصاحتها ﵂ -
كانت ﵂ فصيحة اللِّسان عالية البيان، إذا خطبت ملكت على النَّاس مسامعهم، قال مُوسَى بْن طَلْحَةَ: "مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَفْصَحَ مِنْ عَائِشَةَ" (^٢). ولا ريب أنَّ الفصاحة والبيان من أجمل ما يتحلَّى به الإنسان، لمَّا تُوُفِّيَ الصِّدِّيْقُ ﵁ ودفن بجوار النَّبيِّ ﷺ وَقَفَتْ عَائِشَةُ ﵂ عَلَى قَبْرِهِ، وراحت ترسل كلامًا على سجيَّته، ليس من السَّهل أن تبلغ بلاغته، قالت: "نَضَّرَ اللهُ وَجْهَكَ يَا أَبَتِ، وَشَكَرَ لَكَ صَالِح سَعْيِكَ، فَلَقَدْ كُنْتَ لِلدُّنْيَا مُذِلًّا بِإِدْبَارِكِ عَنْهَا، وَلِلآخِرَةِ مُعِزًّا بِإِقْبَالِكَ عَلَيْهَا، وَلَئِنْ كَانَ أَجَلَّ الْحَوَادِثِ بَعْدَ رَسُوْلِ الله ﷺ رَزْؤُكَ وَأَعْظَمَ المَصَائِبِ بَعْدَهُ، فَقَدْ كَانَ كِتَابُ الله لَيَعِدُ بِحُسْنِ الصَّبْرِ عَنْكَ حُسْنَ العِوَضِ مِنْكَ، وَأَنَا أَسْتَنْجِزُ مَوْعُوْدَ الله فِيْكَ بِالصَّبْرِ، وَأَسْتَقْضَيْهِ بِالِاسْتِغْفَارِ لَكَ، أَمَا لَئِنْ كَانُوْا قَامُوْا بِأَمْر الدُّنْيَا فلَقَدْ قُمْتَ بِأَمْرِ الدِّيْنِ لمَّا وَهَى شُعَبُهُ، وَتَفَاقَمَ صَدْعُهُ، وَرَجُفَتْ جَوَانِبُهُ؛ فَعَلَيْكَ سَلَامُ الله تَوْدِيْعَ غَيْرِ قَالِيَةٍ لِحَيَاتِكَ، وَلَا زَارِيَةٍ عَلَى الْقَضَاءِ فِيْكَ! " (^٣).
وفاتها والصّلاة عليها ودفنها
كَانَت وفاتها في عهد معاوية ﵁، سنة ثَمَان وَخمسين من الْهِجْرَة فِي رَمَضَان لَيْلَة الثُّلَاثَاء لسبع عشرَة خلت مِنْهُ عِنْد الْأَكْثَرين، وصلَّى عليها أبو هريرة ﵁،

(^١) ابن أبي الدّنيا "الرّقة والبكاء" (ص ٩٢).
(^٢) التّرمذي "سنن التّرمذي" (ج ٥/ص ٧٠٥) وقال: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ.
(^٣) أبو إسحاق "زهر الآداب" (ج ١/ص ٧١) وابن قتيبة "عيون الأخبار" (ج ٢/ص ٣٣٨).

1 / 54