والراجح ما عليه الجمهور أن الكذب مخالفة الخبر للواقع، لكن المتبادر من قولك: كذب فلان، أو: فلان كاذب ونحو ذلك أنه تعمَّد، فمن ثَمَّ لا يقال ذلك للمخطئ، إلا أنه ربما قيل له ذلك تنبيهًا على أنه قصَّر (راجع كتاب «الرد على الإخنائي» ص ٢١). ولما أرادت عائشة أن تنفي عن عمر وابنه التعمّد والتقصير نفت عنهما الكذب البتة.
ثم رأيتُ الطحاويّ ذكر هذه القضية في «مشكل الآثار»، فذكر كثيرًا من الروايات ثم قال (١: ١٧٣) (^١) ما ملخَّصه: من كذب فقد تعمّد، وذِكْر «متعمدًا» في بعض الروايات إنما هو توكيد كقولك: نظرت بعيني وسمعت بأذني، وفي القرآن ﴿وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ﴾ [المائدة: ٣٨] و﴿الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي﴾ [النور: ٢] لم يذكر في شيء من ذلك التعمّد، كأنّ هذه الأشياء لا تكون إلا عن تعمّد، لأنه (^٢) لا يكون كاذبًا ولا يكون زانيًا ولا يكون سارقًا إلا بقصده إلى ذلك وتعمُّده».
وقال أبو ريَّة ص ٤١: (حديث من كذب عليَّ ليس بمتواتر .. وقد قال الحافظ ابن حجر وهو سيد المحدّثين بالإجماع وأمير المؤمنين في الحديث ما يلي ..) فذكر عن «فتح الباري» (١: ١٦٨) (^٣) اعتراض بعضهم على تواتره، وسكت، [ص ٥٢] وفي «فتح الباري» بيان الجواب الواضح عن ذاك الاعتراض، فراجعه.
وقال ص ٤٢: (الكذب على النبي قبل وفاته).