ولما استقر بها المقام قال لها: «إني ذاهب لقضاء بعض المهام في الفسطاط وربما بت الليلة وأعود إليك في الصباح.»
فسرها ذلك، وقالت: «افعل ما بدا لك إنني في خير وطمأنينة، ولو مكثت في هذا الدير أشهرا لا أبالي.»
فودعها وخرج إسطفانوس معه وظلت دميانة وزكريا في الدير.
وقضت ردحا من الليل وهي تسمع ما يقصه عليها الراهبات من أحاديث القديسين وعجائبهم، واستأنست كثيرا بالراهبة التي كانت أهدتها الصليب وباتت على الرحب والسعة.
ولما أصبحت في اليوم التالي أسرعت إلى الكنيسة للصلاة، وبعد أن تعبدت أخذتها رئيسة الدير إلى غرفتها وقد أحبتها وعلقت بها. وفيما هما تتحدثان دخلت عليهما راهبة وعلى وجهها أمارات الدهشة والسرور معا فابتدرتها الرئيسة بالسؤال قائلة: «ما وراءك؟ خيرا - إن شاء الله؟»
قالت: «للأسقف ... الأسقف آت لزيارتنا.»
قالت: «وأي أسقف تعنين؟»
قالت: «أسقف الفسطاط.»
فبان البشر على وجه الرئيسة ، ونهضت للحال، وأمرت بأن يتأهب الراهبات لاستقبال الأسقف، وقامت دميانة معهن وسألت راهبة كانت بجانبها: «أرى أن الأسقف لا يزور الدير كثيرا.»
قالت: «يندر أن يزورنا إلا لأمر ذي بال فعسى أن يكون قدومه بشير خير.»
Unknown page