36

هو الفقيه العالم أبو عمر أحمد بن عبد ربه، وقد اشتهر بأدبه في الأندلس، واتصلت شهرته إلى الشرق، وقد زاد في شهرته وأبقى ذكره الآن كتاب «العقد الفريد» المعروف في الأدب، وقد عمر أكثر من اثنتين وثمانين سنة كما يؤخذ من قوله في قصيدته:

وما لي لا أبلى لسبعين حجة

وعشر أتت من بعدها سنتان؟

ولست أبالي من تباريح علتي

إذا كان عقلي باقيا ولساني (37) أبو الطيب المتنبي (303-354ه)

اسمه أحمد بن الحسين بن الحسن الكندي الكوفي المتنبي الشاعر المشهور، وإنما قيل له المتنبي لأنه ادعى النبوة في بادية السماوة وتبعه خلق كثير من بني كلب وغيرهم، فخرج إليه لؤلؤ أمير حمص نائب الإخشيدية فأسره وتفرق أصحابه وحبسه طويلا ثم استتابه وأطلقه، ولما أطلق من السجن التحق بالأمير سيف الدولة ثم فارقه، ودخل مصر سنة 346 ومدح كافورا الإخشيدي، ولما لم يرضه هجاه، وقصد بلاد فارس ومدح عضد الدولة بن بويه فأجزل صلته، ولما رجع من عنده عرض له فاتك بن أبي جهل الأسدي في عدة من أصحابه فقاتله فقتل المتنبي وابنه، وقيل إن السبب في قتله عضد الدولة، لأنه لما وفد عليه ووصله بثلاثة آلاف دينار وثلاثة أفراس مسرجة محلاة وثياب مفتخرة؛ دس عليه من سأله: أين هذا العطاء من عطاء سيف الدولة؟ فقال له: هذا أجزل إلا أنه عطاء متكلف وسيف الدولة كان يعطي طبعا، فغضب عضد الدولة من ذلك وجهز عليه قوما من بني ضبة فقتلوه بعد أن قاتل قتالا شديدا، وقد قال له غلامه لما انهزم: أين قولك:

الخيل والليل والبيداء تعرفني

والطعن والضرب والقرطاس والقلم

فقال: قتلتني، قتلك الله! ثم قاتل فقتل، وكان قتله سنة 354 ومولده سنة 303 بالكوفة. (38) أبو فراس (320-357ه)

هو الحارث بن أبي العلاء ابن عم ناصر الدولة وسيف الدولة، قال الثعالبي في وصفه: «كان فرد دهره وشمس عصره أدبا وفضلا وكرما ومجدا وبلاغة وبراعة وفروسية وشجاعة، وشعره مشهور بين الحسن والجودة والسهولة والجزالة والعذوبة والفخامة والحلاوة، ولم تجتمع هذه الخلال قبله إلا في شعر عبد الله بن المعتز، وأبو فراس هذا يعد أشعر منه عند أهل الصنعة ونقدة الكلام، وكان المتنبي يشهد له بالتقدم فلا ينبري لمباراته ولا يجترئ على مجاراته، وكان سيف الدولة يعجب جدا بمحاسنه ويميزه بالإكرام على سائر قومه ويستصحبه في غزواته ويستخلفه في أعماله.» وقد أسره الروم في بعض الوقائع وأقام بالأسر أربع سنين، وله في الأسر أشعار كثيرة من أجود ما قاله، ومن شعره حين حضرته الوفاة سنة 357 مخاطبا ابنته:

Unknown page