ولما فرغ من تلاوة الآية التفت إلى النقباء وقال: «أتعلمون لماذا سمى مولانا الإمام هذه الراية السحاب؟»
قالوا: «لا.»
قال: «إشارة إلى أن السحاب يطبق الأرض. وهل تعلمون لماذا سمى هذا اللواء بالظل؟»
قالوا: «لا.»
قال: «لأن الأرض لا تخلو من الظل، وكذلك الأرض لا تخلو من خليفة عباسي أبد الدهر.»
ثم جاءوا بالملابس السوداء - ويسمونها السواد - فلبسوها رسميا، وأول من لبسها أبو مسلم، وسليمان بن كثير، وإخوة سليمان ومواليه، ومن كان قد أجاب الدعوة من أهل سفيذنج وسائر الدعاة، ثم أوقدوا النيران على حسب الاتفاق مع الشيعة الذين بايعوا، فتجمعوا إليه حين أصبحوا. وكان أول من قدم عليه أهل التقادم مع أبي الوضاح في تسعمائة راجل وأربعة فرسان، ومن أهل هرمزفره جماعة. وقدم أهل التقادم مع أبي القاسم محرز بن القاسم الجوباني في ألف وثلاثمائة راجل، وستة عشر فارسا، فيهم من الدعاة أبو العباس المروزي، فجعل أهل التقادم يكبرون من ناحيتهم، ويجيبهم أهل التقادم بالتكبير، فدخلوا عسكر أبي مسلم بسفيذنج بعد ظهوره بيومين، وحصن أبو مسلم حصن سفيذنج ورمه، وسد دروب المحلة.
الفصل السادس والعشرون
أين المحب من الخلي
فلما كان عيد الفطر، أمر أبو مسلم سليمان بن كثير أن يصلي به وبالشيعة، ونصب له منبرا بالمعسكر، وأمره أن يبدأ بالصلاة قبل الخطبة بغير أذان ولا إقامة. وكان بنو أمية يبدءون بالخطبة قبل الصلاة وبالآذان وبالإقامة. وأمر أبو مسلم أيضا سليمان بن كثير بست تكبيرات تباعا، ثم يقرأ ويركع بالسابعة، ويكبر في الركعة الثانية خمس تكبيرات تباعا، ثم يقرأ ويركع في السادسة، ويفتح الخطبة بالتكبير ثم يختمها بالقرآن. وكان بنو أمية يكبرون في الأولى أربع تكبيرات يوم العيد، وفي الثانية ثلاث تكبيرات. فلما قضى سليمان الصلاة انصرف أبو مسلم والشيعة إلى طعام أعد لهم.
1
Unknown page