ولا تخيلت مسافات الأرض وأبعاد الفلك والصحاري والبحار والكواكب والعوالم إلا اهتاجني الحنين إليها كأنها أوطان يردد هواؤها ترنيمة طفولتي، وتنتظرني فيها قلوب الأحباب والخلان.
أما وقوى إعزازي تتوزع باستهتار وجنون، فلماذا تتجمع قوى اكتئابي عميقة مرهفة؛ لأني أنا وحدي في الدنيا، تلك التي لا وطن لها؟ •••
بنسيم وطني امتزج الوحي والنبوءات.
ومع أشعة الشمس فيه انتشرت صور الجمال.
فكانت له حياة وهاجة متلظية وراء مظاهر الجمود والهجران وخيالات الآلهة تسير أبدا فيه متمهلة متأملة.
من القمم والأودية، من الصخور والينابيع، من الأحراج والمروج تتعالى معاني بلادي في الضحى، وعند الشفق تتكامل أرواح الأشياء وتتجمهر كأنها تتداول في إنشاء عوالم جديدة.
أحب عطور تربة الجدود ورائحة الأرض التي دغدغها المحراث منذ حين، أحب الحصى والأعشاب، وقطرات الماء الملتجئة إلى شقوق الأصلاد.
وأحب الأشجار ذات الظل الوارف؛ أكانت محجوبة في أحشاء الوادي أم أسفرت مشرقة على البحر البعيد.
وأحب الطرق الوعرة المتوارية في قلب الغاب، وتلك المتلوية على أكتاف الجبال كالأفاعي البيضاء، وتلك السبل الطويلة الممتدة الممتدة وكأن الغبار الذهبي منها ينتهي إلى قرص الشمس.
ولكن أيكفي أن نحب شيئا ليصير لنا؟ وهكذا رغم حبي الأفيح أنا في وطني تلك الشريدة الطريدة لا وطن لها.
Bog aan la aqoon