وعندما أعود إلى منشأ الكائنات ومرجعها، وأرقد بين جلال المدافن في قبري الضيق؛ حيث تنقلب صورتي البشرية ترابا، فهباء، وينحل ما ارتبط من اسمي الصغير، فلا تمثل الميم منه والياء سوى حرفين من حروف الأبجدية فحسب، يومذاك سيكون التماسك والحياة نصيب ذكراي.
وبعدئذ ستمر الذراري الجديدات وتحل محلها الذراري اللاحقات، فتجلس فتاة في صباح خريف شجي كهذا الصباح على مقربة من نافذتها وراء الأستار المخرمة، وترسل نظرها إلى الأفق الذابل يتفتنها سحر الطبيعة ساكبا أنوار الفجر في نقي السحاب، وتسأل نفسها: «أين السعادة؟» فتتملكها رغبة فجائية في ركوب تلك السحابة ذات الشكل الطودي واثقة من أن السعادة كلها في اعتلاء متن النور والهواء.
فتاة المستقبل سترجع بعد حين وتضحك من رغبتها قائلة: «إن هذا لجنون!»
أما أنا ابنة الحاضر، فأعلم منذ الساعة أن تلك الرغبة في النفس الصغيرة المجهولة سوف يثيرها عمل الذكرى التي أدخلتها معبد الأذكار، ووضعتها على المذبح حارة تتضور وتتأوه وتتلوى كالنفس الحائرة بين البقاء والانتحار.
العيون
تلك الأحداق القائمة في الوجوه كتعاويذ من حلك ولجين.
تلك المياه الجائلة بين الأشفار والأهداب كبحيرات تنطقن بالشواطئ وأشجار الحور.
العيون، ألا تدهشك العيون؟
العيون الرمادية بأحلامها.
والعيون الزرقاء بتنوعها.
Bog aan la aqoon