الجهة الثانية: كيف يولي أمره عبدالرحمن والمفروض أن يكون تعيين أحد الستة بالشورى، ومقتضى الشورى أن يدلي كل برأيه وحجته، وتكون مع الاجتماع المقابلة بين الآراء والحجج، حتى يتبين أيها أرجح وأولى وأصوب؟؟؟ فيكون العمل به، فإذا لم يفعلوا هذا بل عدلوا عنه إلى تولية عبد الرحمن أمرهم كانوا قد تركوا الشورى وجعلوا أمرهم إلى رأي واحد لا يعلمون أيصيب أم يخطئ؟ ولا يعلمون أن رأيه يقوم مقام الرأي الذي تتمخض عنه الشورى؟ لو ثبتوا عليها؟! ولم يدل على توليته دليل، ولا ثبت أنه أرجحهم رأيا وأنصحهم للأمة وأقربهم من الصواب في اختياره؟
فكانوا في هذا الخطأ لم يكتفوا بإهمال النصوص في علي، وإهمال النصوص في أهل البيت، حتى أهملوا آية الشورى.
مع أنه لا بد أن يكون الأمر ثابتا بحكم الله تعالى، أو بالشورى فيما لم يكن فيه حكم من الله تعالى، فعلى فرض أنه لا حكم لله تعالى في تعيين الخليفة يكون الأمر شورى بين المؤمنين، لقوله تعالى: {وأمرهم شورى بينهم}[الشورى:38] فإذا ترك هذا الحكم كان ذلك مخالفة لكتاب الله، لا تصدر عن علي عليه السلام فلا يتصور أن يكون ولى عبدالرحمن، بل رواية ذلك رواية منكرة، والزهري أولى بها.
Bogga 46