Hogaamiyeyaal iyo Fannaaniin
زعماء وفنانون وأدباء
Noocyada
فتارة أهدأ من روعتي
وتارة أفزغ كالطائر!
الرحالة العربي الثائر
جاء مصر وأدى رسالته، ثم مات في ظروف مريبة!
استيقظت القاهرة في ساعة مبكرة من الصباح، على نبأ هزها من الأعماق، وأثار الحزن والدهشة، وفتح باب الريبة والشك على مصراعيه.
كيف مات العالم المفكر الثائر هكذا بغتة؟! وقد كان إلى ما بعد منتصف الليل يجلس في مقهى يلدز بالقرب من حديقة الأزبكية، وحوله أصدقاؤه من الثائرين والمفكرين وقادة الرأي، يتناقشون في السياسة والعلوم وفنون الأدب، وكان يشترك في المناقشة بصوت هادئ وابتسامة حذرة، فقد جاء إلى مصر موئل الأحرار ليقول كلمته ضد الاستبداد عامة، وضد استبداد الدولة العثمانية بوجه خاص، واستطاع أن يؤدي رسالته بشجاعة وجرأة وصلابة استفزت غضب السلطان عبد الحميد، ولقيت تجاوبا جارفا من الشعب العربي، وأرضت شعور الخديو عباس، فقد كان مختلفا مع السلطان!
وفوجئ الناس بنبأ وفاة عبد الرحمن الكواكبي صباح يوم الجمعة 15 يونيو من عام 1902، وكان إلى ما قبل ساعات يتحدث ويبتسم، ومخايل الصحة بادية عليه، وامتدت الأصابع إلى الخديو عباس منوهة بأنه هو الذي قتل الكواكبي!
ولكن متى استطاع عباس ذلك، وقد ظل الكواكبي مع أصدقائه في المقهى إلى ما قبيل الفجر، وذهب إلى البيت في صحبة ابنه كاظم؟ وكيف يقتل الخديو عبد الرحمن الكواكبي وكان موضع إكرامه، وقد اختار الكواكبي لنشر مقالاته عن «طبائع الاستبداد» في جريدة المؤيد، التي كانت اللسان المدافع عن عباس ضد جميع أعدائه في الداخل والخارج.
إن الذين تناولوا حياة الكواكبي بالبحث الموضوعي أو الدراسة الجانبية، بينهم معاصرون له أمثال رشيد رضا، ومحمد كرد علي، وأحمد شفيق، وبينهم من تعمقوا في تحليل اتجاهاته السياسية وفلسفته في إصلاح الأمة وتدعيم قوة الإسلام، مثل الأساتذة: أحمد أمين وعباس محمود العقاد وسامي الدهان، وقد سلطوا الضوء العالي على حادثتين هامتين في تاريخ الكواكبي: حادثة وصوله إلى مصر خلال فترة تأزمت فيها الأمور بين الخديو والباب العالي في الآستانة، وحادثة وفاته في ظروف غامضة.
ولكي لا يتوقف القراء وهم يتابعون هذا الكلام عن عبد الرحمن الكواكبي، يجب أن نعقد بينهم وبين الكواكبي علاقة شخصية تقربه إليهم، بحيث يرونه كائنا حيا ما زال يعيش بينهم.
Bog aan la aqoon