سألك عبادي عني فإني قريب ) أي : فقل لهم : إني قريب. وهو تمثيل لكمال علمه بأفعال العباد واطلاعه على أحوالهم بحال من قرب مكانه منهم ، ونحوه قوله تعالى : ( ونحن أقرب إليه من حبل الوريد ) (1). روي أن أعرابيا قال لرسول الله صلى الله عليه وآلهوسلم : «أقريب ربنا فنناجيه؟ أم بعيد فنناديه؟ فنزلت هذه الآية».
وقوله : ( أجيب دعوة الداع إذا دعان ) تقرير للقرب ، ووعد للداعي بالإجابة ( فليستجيبوا لي ) إذا دعوتهم للإيمان والطاعة ، كما أني أجيبهم إذا دعوني لحوائجهم ( وليؤمنوا بي ) أمر بالثبات والمداومة عليه.
روي عن الصادق عليه السلام أن معناه : وليتحققوا أني قادر على إعطائهم ما سألوه ( لعلهم يرشدون ) أي : راجين إصابة الرشد ، وهو إصابة الحق.
فإن قلت : نحن نرى كثيرا من الناس يدعون الله فلا يجيبهم ، فما معنى قوله ( أجيب دعوة الداع إذا دعان )؟
قلت : المراد أنه ليس أحد يدعو الله على ما توجبه الحكمة إلا أجابه الله ، فإن الداعي إذا دعا يجب أن يسأل ما فيه صلاح له في دينه ، ولا يكون مفسدة له ولا لغيره ، فالآية عامة مخصصة بهذا الشرط.
فإن قلت : ما تقتضيه الحكمة لا بد أن يفعله سبحانه ، فما معنى الدعاء وإجابته؟
قلت : إن الدعاء عبادة في نفسها ، يعبد الله سبحانه بها ، لما في ذلك من إظهار الخضوع والافتقار إليه سبحانه. وأيضا فإنه لا يمتنع أن يكون وقوع ما سأله إنما صار مصلحة بعد الدعاء ، ولا يكون مصلحة قبل الدعاء.
ويؤيد ذلك ما روي عن أبي سعيد الخدري قال : «قال النبي صلى الله عليه وآلهوسلم : ما من
Bogga 305