249

( وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا وما جعلنا القبلة التي كنت عليها إلا لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه وإن كانت لكبيرة إلا على الذين هدى الله وما كان الله ليضيع إيمانكم إن الله بالناس لرؤف رحيم (143))

ثم بين سبحانه فضل هذه الأمة على سائر الأمم ، فقال : ( وكذلك ) إشارة إلى مفهوم الآية المتقدمة ، أي : كما جعلناكم مهديين إلى الصراط المستقيم ، أو جعلنا قبلتكم أفضل القبل ( جعلناكم أمة وسطا ) أي : خيارا ، أو عدولا مزكين بالعلم والعمل. وهو في الأصل اسم المكان الذي تستوي إليه المساحة من الجوانب ، ثم استعير للخصال المحمودة ، لوقوعها بين طرفي إفراط وتفريط ، كالجود بين الإسراف والبخل ، والشجاعة بين التهور والجبن ، ثم أطلق على المتصف بهذه الخصال ، مستويا فيه الواحد والجمع والمذكر والمؤنث ، كسائر الأسماء التي وصف بها. واستدل به على أن الإجماع حجة ، إذ لو كان فيما اتفقوا عليه باطل لانثلمت به عدالتهم.

ومتى قيل : إذا كان في الأمة من ليس هذه صفته ، فكيف وصفت جماعتهم بذلك؟

فالجواب : أن المراد به من كان بتلك الصفة ، ولأن كل عصر لا يخلو من جماعة هذه صفتهم ، ولا يكون الاستمساك على حجية الإجماع إلا لوجود الإمام المعصوم في جملتهم ، فالحقيقة الحجة قول الإمام لا اجتماع الأمة.

ويؤيده ما روى بريد بن معاوية العجلي ، عن الباقر عليه السلام قال : «نحن الأمة

Bogga 254