240

وأخذ ميثاقهم على الثبات عليهما. ولفظة «ما» يسأل به عن كل شيء ما لم يعرف ، فإذا عرف خص العقلاء ب «من» إذا سئل عن تعيينه. ويجوز أن يقال : ( ما تعبدون ) سؤال عن صفة المعبود ، كما إذا سئل عن وصف زيد قيل : ما زيد؟ أفقيه أم طبيب؟

( قالوا نعبد إلهك وإله آبائك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ) عطف بيان لآبائك. وجعل إسماعيل وهو عمه من جملة آبائه ، لأن العم أب والخالة أم ، لانخراطهما في سلك واحد وهو الأخوة ، لا تفاوت بينهما ، ومنه قوله عليه السلام : عم الرجل صنو (1) أبيه ، أي : لا تفاوت بينهما ، كما لا تفاوت بين صنوي النخلة. وقال في العباس : هذا بقية آبائي. وقال : ردوا علي أبي ، فإني أخشى أن تفعل به قريش ما فعلت ثقيف بعروة بن مسعود. وقدم ذكره على إسحاق لأنه كان أكبر منه ، وكان عم يعقوب ، وجعله أبا له ، وكان جدا لنبينا.

وقوله : ( إلها واحدا ) بدل من ( إله آبائك ) كقوله : ( بالناصية * ناصية كاذبة ) (2). وفائدته التصريح بالتوحيد ، ونفي الوهم الناشئ من تكرير المضاف ، لتعذر العطف على المجرور. أو نصب على الاختصاص ، أي : نريد بإله آبائك إلها واحدا.

( ونحن له مسلمون ) حال من فاعل «نعبد» ، أو مفعوله ، لرجوع الضمير إليه في «له» ، أو منهما. ويحتمل أن يكون اعتراضا ، أي : ومن حالنا أنا له مسلمون مخلصون له التوحيد ، أو مذعنون. ويجوز أن يكون جملة معطوفة على «نعبد».

( تلك أمة قد خلت ) إشارة إلى الأمة المذكورة ، يعني : أن إبراهيم ويعقوب وبنيهما قد مضت. والأمة في الأصل ما يقصد به. ويسمى بها الجماعة ، لأن الفرق تؤمها ، أي : تقصدها.

Bogga 245