يردوكم يا معشر المؤمنين ، أي : يرجعوكم ، فإن «لو» تنوب عن «أن» في المعنى وهو التوقع ، دون اللفظ وهو العمل ( من بعد إيمانكم كفارا ) مرتدين ، وهو حال من ضمير المخاطبين. وإنما قال : «كثير» لأنه إنما آمن منهم القليل ، كعبد الله بن سلام وكعب الأحبار.
( حسدا ) علة «ود». وقوله : ( من عند أنفسهم ) يجوز أن يتعلق ب «ود» ، أي : تمنوا ذلك من قبل أنفسهم وتشهيهم ، لا من قبل التدين والميل مع الحق ، لأنهم ودوا ذلك ( من بعد ما تبين لهم الحق ) أي : من بعد ما ظهر لهم أنكم على الحق بالمعجزات والنعوت المذكورة في التوراة ، فكيف يكون تمنيهم من قبل الحق؟! أو ب «حسدا» (1) أي : حسدا منبعثا من أصل نفوسهم ، فيكون على طريق التوكيد.
( فاعفوا واصفحوا ) العفو ترك عقوبة المذنب ، والصفح ترك تثريبه ، أي : فاسلكوا معهم سبيل العفو والصفح عما يكون منهم من الجهل والعداوة ( حتى يأتي الله بأمره ) الذي هو الإذن في قتالهم ، أو قتل بني قريظة ، وإجلاء بني النضير ، وإذلال من سواهم من اليهود بضرب الجزية عليهم.
حكي عن ابن عباس (2) أنه منسوخ بآية السيف (3). وفيه نظر ، إذ الأمر غير مطلق ؛ بل مقيد بغاية.
( إن الله على كل شيء قدير ) فهو يقدر على الانتقام منهم.
ولما أمر سبحانه بالصفح عنهم حتى يأمرهم بالقتال ، عقبه بالأمر بالصلاة والزكاة ، ليستعينوا بهما على ما شق عليهم من شدة عداوة اليهود لهم ، كما قال :
Bogga 212