( واتقوا يوما لا تجزي نفس عن نفس شيئا ولا يقبل منها شفاعة ولا يؤخذ منها عدل ولا هم ينصرون (48))
ولما بين سبحانه نعمه العظام عليهم أنذرهم في كفرانها بيوم القيامة ، فقال : ( واتقوا يوما ) أي : ما فيه من الحساب والعذاب ( لا تجزي نفس عن نفس شيئا ) لا تقضي عنها شيئا من الحقوق ولا تدفع عنها مكروها ، أو شيئا من الجزاء ، فيكون نصبه على المصدر. وإيراده منكرا مع تنكير النفسين للتعميم والإقناط الكلي. والجملة صفة ل «يوما» والعائد محذوف ، تقديره : لا تجزي فيه.
( ولا يقبل منها شفاعة ولا يؤخذ منها عدل ) أي : من النفس الثانية العاصية أو من الاولى. وكأنه أريد بالآية نفي أن يدفع العذاب أحد عن أحد من كل وجه محتمل ، فإنه إما أن يكون قهرا ، أو غيره. والأول النصرة. والثاني إما أن يكون مجانا ، أو غيره. والأول على أنها لو شفعت لها لم تقبل شفاعتها ، كما لا يجزي عنها شيئا أن يشفع له. والثاني إما بأداء ما كان عليه وهو أن يجزي عنه ، أو بغيره ، وهو أن يعطي عنه عدلا أي : فداء.
والشفاعة من الشفع ، كأن المشفوع له كان فردا فجعله الشفيع شفعا بضم نفسه إليه. والعدل الفدية. وقيل : البدل. وأصله التسوية ، سمي به الفدية لأنها سويت بالمفدى. وقرأ ابن كثير وأبو عمرو : ولا تقبل بالتاء.
( ولا هم ينصرون ) يمنعون من عذاب الله. والضمير لما دلت عليه النفس الثانية المنكرة الواقعة في سياق النفي من النفوس الكثيرة. وتذكيره بمعنى العباد والأناسي. والنصرة أخص من المعونة ، لاختصاصها بدفع الضر.
Bogga 143