Zubdat Kashf
Zubdat Kashf al-Mamalik fi
Noocyada
فصل فى ذكر مصر والقاهرة الصحروستين وهى مدينة عجيبة متسعة جدا من أولها إلى أخرها مسيرة بريد ، وهو أول ابتدائه من التاج والسبع وجوه ، وهو قصر معظم أنشاه الملك المؤيد له سبعة وجوه ، وأخر إنتهائه الآثار الشريفة النبوية ، يشتمل ذلك على أماكن عديدة ، منها بركة الحبش وهو مكان عجيب، والرصد إنشاء الحائم بأمر الله ، ومنها القرافة الكبرى فيها عمائركثيرة ، قيل : إنها فى العمائر قدر ثغر الإسكندرية ، ومنها القرافة الصغرى ، وهى أعمر منها وأحسن هيئة ، وهى فى القدر تضاهى مدينة حمض ، ومنها كوم الجارح يضاهى مدينة عكا ، ومنها مصر القديمة وهى على جانب بحر النيل ، ولها سور تضاهى مدينة حلب ، قيل : إنه ضبط فى أيام الفخر الوزير ما بساحلها من المراكب ، فكانت نيف عن ألف وثمانمائة مركب ، وبها شون الشريفة السلطانية التى توضع بها الغلال ، وهى من أغرب الغرائب لاتساعها ، وكثيرة ما بها من الغلال ، وبها ربع يعرف بالمرحوم بكتمر له أربعة وجوه وأربعة أبواب، حتى أن رجلا من الثقاة حكى أن رجلا نقل إليه أنه سكن بهذا الربع مدة تلاتين سنة فاجتمع بشخص وتعارفا فسأله عن مسكنه ، وكان سبقه فى السكنى ، فأخبره أنه بالربع المذكور فقال : ما علمت بذلك وهذه من الغرائب ، وبه معاصر كثيرة وقصر الشمع وهو كنيسة كبيرة وبها السد الذى يقطع كل سنة عند وفاء النيل ، ومنها الكبارة وهى تضاهى مدينة جعبر ، ومنها الروضة وهى تجاه مصر القديمة بها المقياس ، ومكان شريف بوسطه عامود فى وسط فسقية ينزل إليها بسلالم ، وعليه قبة معفودة تظهر زيادة النيل ونقصانه من ذلك العمود ، وهو مقسم أصابع وآدرع وبه مسجد ومحراب والروضة المذكورة تضاهى مدينة البيرة ، ومنها بولاق وهو من أحسن الأماكن على شاطىء النيل ، ويرد إلى سواحله أكثر مما يرد إلى ساحل مصر، وبه منظرة المقر الأشرف البارزى والحجازية ، وأماكن عجيبة حسنة المنظر ، ولو أردنا نصف بولاق وما به لظال الشرح ، وهو يضاهى مدينة طرابلس ، وبجانبه جزيرة الفيل سياتى ما تضاهيه ، ومنها الجزيرة الوسطى وبها عمائر كثيرة وهى تضاهى مدينة بعلبك ، وتجاه بولاق قصر الملك المؤيد بأرض الوراق من أحسن القصور ، ومنها أرض الطبالة بظاهر باب الشعرية والجنينة ، وبركة الرطلى وما بحومتها ، وجسر بشبته وحكر الثامن ، وغيط الحاجب والخليج الناصرى ، وقناطر الإوز وذلك من أعظم المفترجات بالديار المصرية ، وهذه الأماكن تضاهى مدينة بغداد، وبها الحسينية وهى متسعة كان يسكنها قديما كثير من الأمراء ، حكى بعض الثقاة أنه أخبر من أبيه ، أن كان يسكن في الحسينية من جملة الأمراء ثلاثين أميرا، تدق على أبوابهم الطبلخانات في أيام الملك الناصر محمد بن قلاوون ، وهى تضاهى مدينة غرة وبهاء الحوشن ، وما حوله من العمائر الشاهقة مع ما يضاف إليه من الخليج اللؤلؤى يضاهى مدينة قلعة الروم ، ومنها الصحراء مع ما بها من العمائر الحسنة ، وما يضاف إليها من خليج الزعفران والمطرية ، وتلك البساتين تضاهى مدينة ملطية ، ومنها القاهرة المحروسة تشتمل على سور معظم ، قيل : إن قراقوش أمر بعمارته ، وبه أبواب عديدة محكمة وبالقاهرة من العمارات الحسنة والأسواق مما يطول شرح ذكره ، وبها بيمارستان أمر بعمارته الملك المنصور ، وقرر وقفه فى كل سنة أربعين ألف مثقال ذهب ، أفرد من ذلك لعمارته وخدامه أربعة ألاف ، وقرر مصروفه فى كل يوم مثقال ، ولم أعلم ما هو عليه الأن، والقاهرة مع ما يضاف إليها من جزيرة الفيل المقدم ذكرها تضاهى دمشق ومنها الناصرية وما بها من البركة المعظمة والميدان الأعظم ، وما به من القصور والمناظر والبساتين والحلجان والمريس، والزربية والقناطر وغير ذلك تضاهى مدينة حماة ومنها أماكن متفرقه من باب الشعرية إلى المقس ، إلى ميدان القح إلى الدكة تضاهى مدينة سمرقند ، ومنها باب اللوق وتلك النواحى تضاهى مدينة سيواس ، ومنها أماكن أيضا من باب زويلة إلى باب الوزير إلى الصليبة إلى قناطر السباع بما يحتوى عليه من بركة القيل وجامع قوصون ، وجامع بشتك والشيخونية وجامع المارداني ، وما بينهما تضاهى مدينة برصابل أعظم ، ومنها أماكن أيضا جامع طولون وهو جامع كبير وما تشتمل عليه تلك الدائرة مثل حذرة ابن قميحة والمراغة ودائر السيدة نفيسة والنقعاء تضاهى مدينة القرم ، ومنها خلقوم الجبل وما به من العمائر يضاهى مدينة بهسنا، ومنها الكبش وما يحتوى عليه ، بما فى ذلك من قصر يلبغا الكبير ومنزله والحذرة والقطع الذى في الجبل يضاهى مدينة كرك الشوبك ، ومنها القبيبات وما تشتمل عليه فإنها تضاهى مدينة الرملة ، ومنها شقة الجبل بما يحتوى عليه إلى سيدى عمر بن الفارض وأخوة النبي يوسف عليه السلام ، وجامع محمود وما يحتوى عليه تلك الدائرة تضاهى مدينة حبرون المعروفة بسيدنا الخليل عليه الصلاة والسلام المقدم ذكرها . والقلعة المنصورة المقلم ذكرها تضاهى القدس الشريف في القدر لا فى الحرمة ، ومنها الرميلة وما تشتمل عليه إلى المصنع إلى باب القرافة متسع جدا تضاهي مدينتى توقات وأماسى، ومنها الحكورة التى هي متفرقة . قيل : إن عدتها أربعة وعشرون ألف حكر فقسم ذلك من له خبرة بما سياتى ذكر من المدن وهى عشرة هراة ، وتبريز ، وسلطانية وأصفهان ، وشيراز، ويزد ، وكرمان ، وأدرنة ، وقصطمانية ، وكنية . وفى الحقيقة لو قسمت مصر والقاهرة وما يشتملان عليه على التحرير لزادت بجملة ، وسمعت من لفظ من يعتمد على قوله أن لو حررت هذه الأماكن لزادت عن مدن كثيرة عما ذكرناه ، لأنه سار البلاد وراءها فصل في ذكر ما بهذه الأماكن من الزيارات والأماكن الصباركة والجوامع والمدارس الكبار جامع عمرو بن العاص وجامع طولون ، وبه منارة حلزون، السبب فى عمارتها على هذه الهيئة أن السلطان أحمد بن طولون كان جالسا على تخت ملكه ، وحوله جماعة الأمراء والأعيان، وكان بيده مرسوم قولع به وجذبه وهو مطوى ، تم استدرك نفسه لثلا ينكرون عليه الحاضرون، واستدعا بالمهندسين وأمرهم بعمارة منارة على هيئة المرسوم كما فعل به ، وأصرف عليها جملة وهذا من غاية المعفول والجامع المذكور كبير جدا حتى إن كثيرا من الناس يشبهونه بحرم مكة ونظيره ، جامع الحاكم وجامع الازهر والملك والظاهر ، وشرف الدين وقوصون وبشبك والصالح والماردانى وشيخو وسنقر، وأمثال ذلك مما يطول ذكرهم ، ومن المدارس المؤيديةوالظاهرية والصالحية والمنصوريه والأشرفية والشيخونية والصرغتمشيه وغير ذلك مما يطول شرحه .
قيل : إن بمصر والقاهرة داخل السور وخارجه ألف خطبة ونيف عن ذلك ، ويكل مكان فيه خطبة أيضا منارة، وتم منارات كثيرة في مدارس ومساجد ومزارات ، وترب بغير خطب لا يحصى عددهم . وأما مدرسة السلطان حسن تجاه القلعة المنصورة ، فليس لها نظير فى الدنيا حكين أن الملك الناصر حسن المشار إليه ، لما أمر بعمارتها طلب جميع المهندسين من أقاطير الأرض ، وأمرهم بعمارة مدرسة يكون ليس عمر أعلى منها على وجه الأرض ، وسألهم أى الأماكن أعلى فى الدنيا فى العمارة فقيل له . إيوان كسرى أنوشروان ، فأمر أن يقاس ويحرز وتعمر المدرسة أعلى منه بعشرة آدرع فعمرت ، وعمر بها أربع منارات ، وقيل: ثلاث في ارتفاع المدرسة أيضا ثم ، هدم بعض المنارات واستمزت الأن على اثنتين، وإيوان كسرى كان واحدا وبهذا أربعة أواوين ، وهى عجيبة من عجائب الدنيا سمك جدارها ثمانية عشر ذراعا بالمصرى حتى أن المنارات المذكورة ترى من مسيرة يوم واحد ، وقيل: من أكثر من ذلك . قيل إن متحصل وقفها في كل سنة نيف عن متحصل مملكة ضخمة واتفقت نكتة أحببت ذكرها ، وهو أن فرنجيا أنى الديار المصرية ، واسلم ونصب حبلا من إحدى المنارات إلى سطح طبقة الأشرفية ، وهى أعلى طباق القلعة المنصورة المسافة بينهما مقدار ميل ومشى عليه بيديه ورجليه ، وهو تارة يطلق نفطا، وتارة يرمى بقوس جرخ كان بيده فلما وصل إلى نصف الحبل ، أهل الديار المصرية مجتمعون ينظرون إليه ألقى نفسه فصاح القوم كلهم ، وكان بيده حبل دقيق مربوط بالحبل المنصوب فتعلق به وصعد ، وصاح وصلى على النبى عليه السلام . وبالديار المصرية من العمائر العجيبة ما يطول شرحه .
فصل فى ذكر بلاد الديار المصرية وأما بلاد الديار المصرية فإنها تشتمل على أربعة عشر إقليما وبالوجه القبلى سبعة أقاليم ، وبالوجه البحرى سبعة أقاليم ، والمستفيض على ألسنة الناس أن يكل إقليم ثلاثمائة وستون بلدا، وعدة مدن بها ولاة أمور : فأما الوجه القبلي ابتداؤه من مصر والجيزة وانتهاؤه الجنادل نخو شهرين ، فأول أقاليمه الجيزة وهى ذات بزين غربى وبر شرقي والنيل جار بينهما فالغربى أعرض من الشرقي ، وبقية ستة أقاليم منها ، إقليم بالشرق وهو إقليم الأطفيحية وبه اطفح، والأقاليم التى بالبر الغربي بعد إقليم الجبزة إقليم القيوم وبحره يجرى دائما ويقسم الماء منه فى مقاسم مشل دمشق ، وفيه مدينة كبيرة تعرف بسيدنا يوسف عليه الصلاة والسلام ، غالبها خراب جار بوسطها البحر المذكور موضع منبعه مكان بعرف بالمنشية ، وانتهاؤه إلى بحيرة مالحة وبه تماسيح كثيرة وبه أشجار وأتمار كثيرة ويلى ذلك إقليم البهنساويه ، وبه مدينة البهنسا وهى مدينة كبيرة ويلى ذلك إقليم الأشمونين وبه مدينتان إحداهما الأشمونين المنسوب إليها الإقليم المذكور ، والاخرى منية ابن خصيب ، ويلى ذلك إقليم الأسيوطية أعظم مدنه مدينة أسيوط وهى مدينة كبيرة تضاهى مدينة غزة وبه أيضا مدينة منفلوط التى تعمل فيها النيدة الموصوفة ، ومفرود من الإقليم المذكور نيف وثلاثون بلدا مضافة إلى منفلوط ، ذكر واحد من الثقات أنه اطلع على متحصل الغلال ، المستخرجة من البلاد المذكورة ، الموضوعة فى الشون السلطانية بمدينة منفلوط ألف ألف ومائة وخمسين ألف أردبا ، ويلى ذلك من الجهة الغربية إقليم الواحات ، وبه مدينة تعرف بالواح ، وبين إقليم المذكور وإقليم أسيوط منقطع رمال ، ومحاجر مسيرة ثلاثة أيام وغربن الإقليم المذكور بلاد النوبة ، ولا فائدة في ذكرها لكونها خارجة عن الديار المصرية ، ويلى إقليم الأسيوطية أيضا من جهة الجوب إقليم القوصية به مدينة قوص ، وهى مدينة عظيمة جدا وهى أعظم مدن الصعيد يرد إليها التجار من البلاد.
الجنوبية ، الواصلون فى المراكب من البحر المالح إلى القصير تجاه جدة وبه أيضا مدينة أسوان ، وهى مدينة كبيرة كثيرة الثمر ، ويلى ذلك بلاد الكنوز ، وهى متسعة وأهلها سمران ، ولم تكن تتضمن الدواوين الشريفة ، ويلى ذلك الجنادل ، وهى مكان انحدار النيل من جبال صم وهى أخر الديار المصرية ، وبالصعيد مدن خراب من جملتها أنصنة بها عمد كثيرة جدا ويقال: إن بالصعيد من الكنائس والديورة قريب ألف ، وغالب أهله نصارى ، وبالصعيد أهرام وعددها ثمانية عشر هرما والهرم مثلك الوجوه من ذلك ثلاثة أهرام مقابلة مصر المحروسة طول أحدها خمسمائة ذراع وعرضه من أسفل كذلك ، كل حجر منها طوله ثلاثون ذراعا وعرضه من عشرة آدرع اصطنعه أهل ذلك الزمان لأجل الطوفان وفيه من العجائب ما يطول شرحه ، وأما الوجه البحرى فكلما كان من الديار المصرية إلى سواحل البحر المحيط ، فأول ذلك إقليم القليوبية وبه مدينة قليوب، وهى مدينة كبيرة غالبها خراب ، ويلى ذلك إقليم الشرقية وبه مذن الخانكة وبلبيس والصالحية، وأما مدينة قطيا فليست من الأقاليم ، وإنما هى بمفردها ، وهى مزم الذرب حتى لا يمكن التوصل إلى الديار المصرية إلا منها ، وبها حرسية وبها نخيل كثيرة ولها مينا، وهى الطينة على شط البحر المحيط، وعمر هناك الملك الأشرف تغمده الله برحمته برجين يصب من هناك فرقة من بحر النيل تعرف ببنى منجة وبإقليم الشرقية المذكور بلدان كثيرة ليس لها أسماء فى الديوان الشريف، وإنما عمرها العربان في أرض سبخة لا ينتفع بها فى الزرع وإنما استوطنوها لكونها بادية ، ويلى ذلك من الجهة الشمالية إقليم الدقهلية والمرتاحية ، وغالب الناس يظنون أنهما إقليمان لاجتماع الاسمين ، وبينهما بخر حلو يعرف بالمنزلة فرقة من النيل ، وبهذا الإقليم أربع مدن مدينة المنصورة ومدينة أشمون الرمان ومدينة فارسكور ومدينة المنزلة فأما المنزلة وفارسكور فمتحصلهما في كل سنة نيف عن سبعين ألف دينار لديوان المفرد الشريف ، وهو إقليم حسن حتى أن العارفين فضلوه على جميع أقاليم الديار المصرية ، وبها طيور حسنة الهيئة شهب الألوان مطوقة بالسواد، حمر المناقير والرجلين تسمى بالدراج ، ولها أصوات شجية تقول فى تصويتها مفسرا: يفهمه أهل ذلك الأقاليم طاب دقيق السبل سبحان القديم الأزل حتى إنه من سلك تلك الأرض ، ولم يكن سلكها قط ظن أنه صوت إنسان ، ومن جملة خواص هذا الإقليم أن غالب أهل بلاده يزرعون القصب والقلقاس والأرز على الماء السابح ، لأن البحر المقدم ذكره أعلى من الأرض ، وبالقرب من مدينة المنزلة ملاحة عظيمة يجلب منها إلى الديار المصرية ، ويجلب من هذا الإقليم رمان كثير جدا ، ويلى ذلك من جهة الشمال ثغر دمياط المحروس ، وهو ثغر جليل يمشى في بساتينه من أولها إلى أن يصل المدينة بريد ، والثغر المذكور على جانب بخر النيل بالقرب من البحر المحيط ، وهو من أعظم المين يرد إليه كثير من المراكب ، وبه من الأسماك والطيور ما لا يوجد في غيره قط ، حتى أنه مضمن ويباع صيفا وشتاء ، ويجلب منه إلى سائر الأقاليم بالديار المصرية طرئا وقديدا، وهناك برجان أحدهما بالثغر المذكور ، والأخر تجاه ذلك بالبر الغربى على بحر النيل ، والمراكب الواردة تدخل من بين البرجين ، وهناك سلسلة موضوعة لئلا يدخل مركب إلا بإذن صاحب الثغر ويعمل فيه سكر كثير يجلب منه إلى سائر الأقاليم ، وأوصاف هذا الثغر يطول شرحها واختصرته خوفا من الإطالة ويلى ذلك من جهة الغرب قاطع النيل إقليم الغربية ، وبه أربع مدن المخلة والنخرارية وفوة وسمنود ، وبها من البلدان الكبار التى تضاهى المذن ثلاثون بلدا ، كل واحدة منها خراجها في السنة اثنا عشر ألف دينار وبهذا الإقليم ما ينيف عن خمسمائة وأربعين قرية من جملتها بلاد السخاوبة ، كثير من الناس يظن أنها إقليم بمفردها وهى من جملة ذلك ، وبلاد المزاجميتين عديدة يظن أنها إقليم بمفردها، وهى أيضا من الغربة ، وهذا الإقليم هو أجل أقاليم الديار المصرية ، ويلى ذلك إقليم المنوفية وهو فى المقام الثاني من الغربية ، ومدينة منوف وهى مدينة كبيرة جدا غالبها خراب ، يقال: إن ملك فرعون كان أولا بها ، ومن جملتها جزيرة بتي نصر يفترق عليها بحر النيل ، وبها مدينة أبيار ، ويلى ذلك وبقية الغربية قاطع البحر إقليم البحيرة ، وهو إقليم متسع جدا وبه مدينة دمنهور ، وهى مدينة كبيرة وبالبحيرة مكان يعرف بالطرأنه بها مكان الأطرون، وهو الذى تستعمله الحياك فى القماش لا يوجد معدن ثمانية أيام بسير الإبل ، وبه عربان كثيرة لا يضبط عددهم ، حكى شخص من المطعنين في السن أن وقعت مقتلة بين غربان ذلك الإقليم فقتل فيها نيف عن ثلاثة ألاف نفر فصل في ذكر ها بالديار المصرية من المزارات والأماكن المباركة وبالديار المصرية من المزارات والمشاهد ، وقبور الصحابة والعلماء والأولياء والصالحين ما يعسر عن ضبطه فمن ذلك مشهد زنبور ، ومشهد التبر ومشهد القصر يقال: إن بهؤلاء رأس الحسن والحسين ، ومشهد به صخرة موسى، ومشهد سيدة نفيسة ، ومشهد فاطمة ابنة محمد بن أسماعيل بن جعفر الصادق ، ومشهد أمينة ابنة الإمام محمد الباقر، ومشهد رقية ابنة على بن أبى طالب ومشهد الإمام الأعظم محمد بن ادريس ، ومشهد على بن حسين بن على بن زين العابدين ، ومشهد الشيخ ابن عبد الله الكيزاني ، ومشهد أهل البيت، ومشهد على بن عبد الله بن القاسم ومشهد ابنة موسى الكاظم ، ومشهد يحيى بن الحسين بن زيد بن الحسن بن على بن أبى طالب، ومشهد أم عبد الله بن القاسم بن محمد بن جعفر الصادق ، وبه يحبى بن القاسم وعيسى بن عبد الله بن القاسم ، والقاسم بن محمد بن جعفر الصادق وابنته كلثوم ، ومسجد يعرف بيوسف الصديق ، وقبر عبد الله بن اليمان ، وقبر عبد الله مولى عائشة وقبر عروة وأولاده وقبر دحية الكلين ، وقبر روبيل بن يعفوب ويهودا أخيه ، وقبر اليسع وقبر ذى النون المصرى ، وقبر خال النبي أخى حليمة السعدية ، وقبر عبد الله بن عبد الرحمن بن عوف ، وقبر عبد الرحمن بن القاسم وورش صاحب مالك ، والفقيه أبى الثريا وقبر شقران شيخ ذى النون المصرى ، وقبر الكنزى وقبر أحمد الرودياني ، وقبر الزيدي وقبر على السقطى ، وقبر الناطق والصامت وعبد الرحمن بن الزغارة والوارد، وقبر الشيخ البكار والأبار، والشيخ أبى الحسن الدينورى وابن طباطبا ، وقبر الأنبارى ومشهد محمد بن أبى بكر الصديق ، ومشهد عقان وليس أبا عثمان وكان من الصالحين وله حكاية مطوله مع عبد له زنجن الجنس ، فأساء العبد فى حقه وأحرق تيابه ، فلم يؤاخذه بل أعتقه وأطلقه فكان عن قليل ألا ، وقد توجه سائحا في مركب، فتوجه المركب من غير اختيار إلى بلاد الزنج فطلع أهل المركب إلى المدينة وهو بصحبتهم، فوجد عبده المعتق صار ملك تلك المدينة ، فأراد الاختفاء منه فعرفه واستدعى به ، وقام وأجلسه فى مكانه وصار يقبل رجليه ، وأنعم عليه بمركب موسوق من المال ، وهذا ثمرة فعل الخير تغمده الله برحمته ، مشهد عمرو بن العاص ، وقبر نصرة الغفارى وقبر عبد الله بن الحارث ، وقبر كعب الإحبار وابن أبى هريرة وقبر زليخا، والبيت الأخضر فيه قبور الصالحين ومن الأماكن المباركة العبه التي ذبحت فيها البقرة المذكورة فى القرآن ، ومقام موسى ومعبده ومقام إبراهيم ومكان يعرف بصالح العزيز، والمطرية مكان مبارك يستخرج من بشر فيه ذهن البلسم ، وهناك عين شمس وبالصعيد جبل الطير ، ويقال: الطيلحون تزوره في كل سنة جميع الطيور والجبل الساحرة وهو جبل مبارك ينذر له ، وفى غربى المنية فرية تعرف ببهدال به مشهد ينزل عليه النور ، وهناك مساجد كبيرة تعرف بيوسف الصديق والمسيح ابن مريم ، ويقال: أن بالصعيد قبر أرسطاطاليس ومسجد الردين على طريق النوبة ، ويقال أيضا: إن بالغربية مسجد الخضر عليه السلام وكثير من الصلحاء المشهورين، وبالديار المصرية وبجميع أقاليمها من الأماكن المباركة وقبور الصالحين ما لو أردنا ذكره لطال الشرح وهذا على حسب الاختصار . وما أحسن ما وصفها عمرو بن العاص رضى الله عنه في كتابه الذي كتبه إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، وذلك أن عمر رضن الله عنه كتب إلى عمرو بن العاص وكان عامله على مصر يقول له : أمابعد يا عمرو بن العاص إذا أناك كتابى هذا فانفذ إلي جواب تصف إلي فيه صفة مصر وضياعها ، وما هى عليه حتى كأننى حاضرها فأعاد إليه كتاب جواب كتابه يقول فيه : بسم الله الرحمن الرحيم ، أما بعد يا أمير المؤمنين فإنها برية غبراء ، وشجرة خضراء ، بين جبلين جبل رمل ، وجبل كأنه بطن أقب، أو ظهر أجب ، مكسبها ورزقها ، ما بين أسوان إلى منشا من البر ونتج من البحر يخط فى وسطها نهر مبارك الغدوات، ميمون الراحات ، يجرى بالزيادة والنقصان كمجارى ، الشمس والقمر، له أوان تطهر إليه عيون الأرض وينابيعها مسخرة له ، بذلك ومأمورة له ، حتى إذا أظلم عجاجه ، وتغمطمت أمواجه ، وأعولت لججه ، ولم يبق الخلاص من القرى بعضها إلى بعض في خفاف القوارب ، أو صغار المراكب ، التي كأنها في الحبائل ، ورق الأبابل ، ثم عاد بعد انتهاء أجله ، نكص على عقبه ، كأول ما يدا فى دربه ، وخيما في سربه ، ثم استبان مكنونها ، ومخزونها ، انتشر بعد ذلك أمة مخفورة وذمة مغفورة لغيرهم ما سعوا به من كدهم، ولا ينالون بجهدهم ، شعثوا بطون الأرض ورابيها ، ورموا فيها، ما يرجون به من الرت النما حتى إذا أحدق وأبسق أسبل قنواته سقاه الله من فوقه الندى ، ورباه من تحته بالشرى وربما كان سحاب ، مكفهر الأوابل وربما لم يكن ، وفى ذلك زمانا يا أمير المؤمنين ما يغنى ذبابة ، ويدر جلابة ، فبينا هى برية غبراء ، إذ هى لجة زرقاء ، إذ هى مدرة سوداء ، إذ هي سندسة خضراء ، إذ هى ديباجة رقشاء ، إذ هى درة بيضاء ، فتبارك الله أحسن الخالقين، وفيها ما يصلح أحوال أهلها ثلاثة أشياء ، أولها لا يقبل قول رئيسها على خسيسها ، والثانى يؤخذ ثلت ارتفاعها وبصرف فى ترعها وجسورها ، والثالث لا يستادى خراج كل صنف إلا منه عند استهلاله، والسلام .
وقال بعض أهل الفضل : رأيت بها في أوان واحد مجتمعا وردا ثلاثة ألوان ، وياسمينا لونين ونيلوفر لونين وأسا ونسرينا ، وريحانا لونين ، وينفسجا ومنثورا لونين وزنبقا وترنجا وليمونا وطلعا ورطبا وموزا وجميزا وحصرما وعنبا وتينا أخضر ولوزا وقثاء ومقوصا، وبطيخا ألوان متعددة ، وباذنجانا والباقلاء الأخضر ويقطينا وحمضا أخصر ورمانا وهليونا وجبنا عدة أصناف وجوزا أخضر وقصب سكر ، ومن البقول والخضراوات ما يعسر ضبطه هذا ما رأيته في غيرها قط .
فصل فى ذكر تغر الإسكندرية وهو أجل ثغور الإسلام وأعظمه يشتمل على سورين محكمين، بها عدة أبراج يحيط بها خندق يطلق فيه الماء من البحر المحبط عند وقت الضرورة ، وللثغر عدة أبواب محكمة حتى أن على كل بأب منها ثلاثة أبواب من حديد ، وبأعلى الأبراج مناجنيق ومكاحل ، وفى وقت الضرورة يعلق على كل شرافة قنديل ، وهذا الثغر فى غاية التحصين ، وعلى كل برج منه أعلام وطبلخاناه وأبواق ، وحرسيه يشهر ذلك وقت الضرورة وهى مدينة مركبة على العمد ، وشبهها بعضهم لرقعة الشطرنج لأن جميع شوارعها ، وأزقتها ناقذة بعضها إلى بعض، وبالثغر قصر السلاح مملؤ بالعدد المتنوعة ، حتى أن لو جاء إليه أهل الديار المصرية لكفاهم في اللبوس ، وحكى بعض الثقاه أنه اطلع على تأريخ الهروى فرأى فيه أن بالثغر المذكور اثنى عشر ألف قبلة ، وبه من الجوامع الحسنة والمدارس المرخمة والمنقوشة ما يطول شرح وصفهم ، وبالثغر مكان يعرف بدار السلطان بها دور متسعة وهى عجيبة من عجائب الدنيا ، وبها دار عظيمة وبها تخت الملك ، قيل : إنه لم تعمر دار وسعها أنشاها في الأصل المقوقس ، ثم بعده جوهر الموتفكي ، ثم بعده صلاح الدين بن أيوب ثم بعده الملك الناصر فرج بن برقوق ، وبها من الأعمدة الرخام الملونة والقياع المفروشة بالرخام الملون، والأماكن المزخرفة والبساتين الحسنة ما يطول شرح وصفه وهى مشرفة على البحر المحيط لا يسكنها إلا السلاطين خاصة ولم تزل إلى الأن مقفوله ، وقد استأذنت المقام الشريف الملك الأشرف على السكنة فيها، حين كنت نائب السلطأنه الشريفة بالثغر ، فأمر لى بذلك وزوجنى بأخت زوجته خوند الخوندات جلبان تغمدهم الله برحمته ، ولم يكن سبق لأحد ذلك من نواب الثغر، ونصب بالقاعة العظمى من الحلل ما لا يوصف ، ومن جملة ذلك سبعة بشاخين مختلفة الألوان ، وأشياء عجيبة مما يطول شرحه ، وبوسط الثغر خليج ممتد يأتى من بخر النيل يصب في البحر يروى جميع الثغر وبساتينه ، ومسافة بساتينة من أولها إلى أخرها مسيرة يوم للختال المجد ، ويعمل بهذا الثغر من الأقمشة العجيبة التى لا توجد في غيره ، والأشياء المفردة مما لو أردنا أن نشرح ذلك لاحتجنا إلى عدة مجلدات . واتفقت نكتة أحببت ذكرها ، وهى أنه حكي أنه كان بالثغر تاجر يقال لهز الكويك ، عمر به مدرسة مشهورة الأن صرف عليه جملة من متحصل فائدة يوم واحد فقط، والمشاع بين الناس أنه كان متحصل الثغر للديوان الشريف، خاصة في كل يوم ألف دينار من جهات متفرقة ، وبه قناصلة وهم كبار الفرنج من كل طائفة رهينة ، كلما حدث من طائفة أحدهم ما يشين في الإسلام يطلب منه .
وبظاهر الثغر عمود يعرف بالصوارى عجيب من عجائب الدنيا فى طوله ، حتى يرى لمسافرى البحر من مسيرة يومين ، وأما غلظه قيل : يدور عليه ستة عشر نفرا بالباع وحكى أن شخصا صعد على هذا العمود وأطلع حمله أمر هذا فى غاية العجب، وبالثغر من المزارات والأماكن المباركة ما يطول شرحها ، منها مشهد دانيال عليه السلام ، وجابر الأنصارى وابن الحاجب المالكي وأبى الطرطوشى وأبى العباس المرسى وياقوت العرشى وعبد الله الراسي وقاسم القبار وأبى فتح الواسطي ، وغير ذلك من الصلحاء والأماكن المباركة ، وأما ترتيب الثغر وطرائقه وحراسه وما يناسب ذلك فعجيب من العجائب، وغالب أهل الدنيا يردون إليه بزا وبحرا يجلبون إليه البضائع وكذا يجلبون منه ، وكان به المنارة التى بناها اسكندر ذو القرنين ، وهى إحدى من عجائب الدنيا ، يرى فيها المراكب إذا سارت من بلاد الفرنج ، وهى الأن مهدومة فصل فى ذكر الشام ومعنى الشام الطيب ، وقيل: فى قوله : إنما سميت شأما لأنها عن شمال الكعبة ، سمى باليمن ما كان عن يمين الكعبة وقيل: غير ذلك وقيل فى قوله تعالى : { الذى باركنا حوله } [سورة الأسراء: الأية 1] قال السهيلنى : هى الشام . وقال تعالى : { وأويناهما إلى ربوة ذات قرار ومعين ] [سورة المؤمنون : الأية 5] قيل إنها دمشق . وقنم الأوائل الشأم خمسة أقسام ، الأول فلسطين وأول حدودها من طريق مصر أمج وهى العريش ، ثم يليها غزة ثم رملة فلسطين ، ومن مدنها إيليا وهى بيت المقدس ، وعسقلان ولذ ونابلس ومدينة حبرون المعرفة بالخليل عليه الصلاة والسلام ، ومسيرة فلسطين طولا أربعة أيام من أمج إلى اللجون، وعرضها من يافا إلى أريحا والثاني حوران ومدينتها العظمى طبرية ، ومن مدنها الغور واليرموك وبيسان والثالث الغوطة ومدينتها العظمى دمشق وطرابلس ، وقيل: إنها من الأرض المقدسة وصفد وبعلبك وما يشتمل عليه تلك الأماكن من المدن، والرابع حمض ولا تدخلها حية ولا عقرب ، وقيل: نزل فيها من أصحاب رسول الله، خمسمائة ، ومن أعمالها مدينة سلمية ، وفيها مزار على بن أبى طالب رضى الله عنه ، والخامس قتسرين ومدينتها العظمى حلب وحماة وسربين وأنطاكية ، يقال : إنها قرية حبيب النجار أما المملكة الغزاوية بها مدينة غزة وهى مدينة حسنة بأرض مستوية وهى كثيرة الفواكه ، وفيها من الجوامع والمدارس والعمارات الحسنة ما يورك العجب، وتسمى دهليز الملك ، ولها معاملات وقرى وهى مملكة متسعة ، وأما مدينة الرملة فليست هى مملكة وإنما هى إقليم تشتمل على قرى عديدة ، وهى مدينة حسنة بها جوامع ومدارس ومزارات من جملتها الجامع الأبيض عجيب من العجائب، وقيل: إن بمغارته من قبور الصحابة أربعون قبرا، وبها من الأماكن المباركة ما يطول شرحه ، وقبران من إخوة يوسف عليه السلام ، وقبر أبى هريرة وقبر سلمان الفارسي ، والقدس الشريف وبلد الخليل تقدم وصفهما في مخلهما . وأما المملكة الكركية فليست هى من الشام وهى مملكة بمفردها ، وتسمى مآب وهى مدينة حصينة معقل من معاقل الإسلام ، بها قلعة ليس لها نظير في الإسلام ولا في الكفر، تسفى حصن الغراب لم تكن فتحت عنوة قط ، وإنما فتحها المرحوم صلاح الدين يوسف بن أيوب بعد فتح القدس في سنة ثلاث وتمانين وخمسمائة .
وكانت بيد البرنس أرناط ، وكان يتعرض إلى حجاج بيت الله الحرام ، والحكاية فى ذلك يطول ، وملحص القضية أنه نزل بعسكره بجدة إلى الكفار على وقعة حطين ، فنصر الله أولياءه وخذل أعداءه وأظهر دينه ، وأمن السلطان صلاح الدين من جميع ملوك الكفار ، وكان من جملتهم البرنس أرناط صاحب الكرك ، فحصل الفتوح في واسطة ذلك ، واستمرت الشوبك مدة بيد الكفار إلى أن قدر الله بفتحها بسبب عجيب، وذلك أن والدة أرناط تسببت فى فتح ذلك لخلاص ولدها ففتح الحصنان.
وقتل أرناط والشوبك مضافة إلى الكرك وهى حصينة أيضا، ومسيرة معاملة الكرك من العلى إلى زيزة مقدار عشرين يوما يسير الإبل ، وهى بلاد عدية بها قرى كثيرة ومعاملات، والمسلك إليها صعب فى منقطعات قليلة الماء ، حتى أنه إذا وقف أحد على ذرب من دروبها يمنع مائة فارس ، وأوصافها كثيرة اختصرتها خوف الإطالة وبه من المزارات والأماكن الشريفة مشهد داود عليه السلام ، ومكان جعفر الطيار وهو مكان مبارك يندر ، وقبر زيد بن حارثة وقبر عبد الله بن رواحة ، وقبر زيد بن أرقم ومكان، يقال : إن الإمام على زاره ، وقبر حارث بن النعمان ، وقبر زيد بن الخطاب وعبد الله بن سهل ، وجماعة من الصحابة رضى الله عنهم استشهدوا في غزوة موتة وهناك مغارة يظهر منها في كل حين نور ومشهد يوشع بن نون عليه السلام ، وقبر اسكندر ولم يعلم أنه أى اسكندر هو ، وقبر عبدالله بن المبارك وغير ذلك من المشاهد ، وأما المملكة الصفدية فإنها مملكة متسعة قيل إنها: تشتمل على ألف ومائتي قرية ولها عدة معاملات ، وأعظم مدنها صفد وهى مدينة متفرقة ثلاث قطع وهى عدية وبها جوامع ومدارس ومزارات وأماكن حسنه وحمامات وأسواق ، وبها قلعة حصينة ، يقال إنها ، لا يوجد نظيرها عشر قلاع وفتحت من قريب ، ومدينة عكا كانت حصينة جدا فلما فتحها الملك صلاح الذين بن أيوب هدم أسوراها وهى الأن مينا المملكة الصفدية ، ولما هدمها جهز قفلها بمفتاحه ، وهو حمل فرس إلى سجن قلعة الكرك ، وهو بها الأن عجيب من العجائب، ومدينة صور وهى الأن خراب ، ومدينة المعشوقة خربت إلى أن صارت قدر قرية وهى قريبة من البحر، وبالمملكة الصفدية قرى كبار نظير المدن كالمنية والناصرة وكفركنة وما أشبه ذلك وقيل: إن بالمملكة الصفدية بالشقيف ، وكابول وغيرهما سبع قلاع غالبها خراب الأن ، وبها من المزارات والأماكن المباركة بقرية حطين ، مشهد شعيب النبى ، عليه السلام ، وغير ذلك من الأماكن المباركة وأما المملكة الشامتة فإنها مملكة متسعة جدا وهى عدة إقليم ومدن وقلاع وقد تقدم أن مدينتها العظمى دمشق وهى مدينة حسنة إلى الغاية تشتمل على سور محكم وقلعة محكمة وبها طارمة مشرفة على المدينة ، بها تخت المملكة مغطى لا يكشف إلا إذا جلس السلطان عليه ، وفضائل الشأم كثيرة وبها جوامع حسنة ومدارس وأماكن مباركة وشوارع وأسواق وحمامات وبساتين وأنهر وعمائر تحير الواصف فيها ، قال بعض المفسرين : فى قوله تعالى : { إرم ذات العماد التى لم تخلق مثلها في البلاد [سورة الفجرز الأية 7-8] وهى دمشق ، وبها بيمارستان لم ير مثله فى الدنيا قط ، واتفقت نكتة أحببت ذكرها ، وهى أنى دخلت دمشق في سنة إحدى وثلاثين وثمانمائة ، وكان بصحبتى شخص عجمن من أهل الفضل والذوق واللطافة وكان قاصد الحج فى تلك السنة وألف مناسك الحج على أربعة مذاهب، فلما دخل البيمارستان المذكور ونظر ما فيه من المآكل والتحف واللطائف التى لا تحصر قصد اختبار حال البيمارستان المذكور فتضاعف ، وأقام به ثلاثة أبام ، ورئيس الطب يتردد إليه ليختبر ضعفه ، فلما جسن نبضه وعلم حاله وصف له ما يناسبه من الأطعمة الحسنة ، والدجاج المسمنة والحلوا والأشربة والفواكه المتنوعة ، ثم بعد ثلاثة أيام كتب له ورقة من معناها أن الضيف لا يقيم فوق ثلاثة أيام ، وهذا فى غاية الحذاقة والظرافة وقيل: إن البيمارستان المذكور منذ عمر لم تنطفىء فيه النار ، وأما جامع بنى أمية فهو أحد العجائب الثلاث ، ولقد رأيت في بعض التواريخ أن عجائب الدنيا ثلاث ، منارة الإسكندرية وجامع بنى أمية وحمام طبرية وأما الميدان الأخضر وما به من القصور الحسنة فعجيبة من العجائب وأما مقترجات دمشق فيعجز الواصف عن حصرها ، من جملتها الجبهة والربوة والعاشق والمعشوق ، وبين النهرين ، وتخت الطارمة والتخوت والمقاسم ، والوادى الفوقاني والتحتانى ، والصالحية والسبعة ، والعناية ، وأما ما بها من الأماكن المباركة والمزارات مشهد الحسين رضى الله عنه ، ومشهد الخضر ، عليه السلام ، وقبر محمد بن عبد الله بن الحسين بن أحمد بن إسماعيل بن جعفر الصادق، وزاوية الخضر ومصحف بخط عثمان، رضى الله عنه ، وبها المنارة التي أقام بها الإماء الغزالي ، ويومره الذى ملك بلاد العرب ، وقيل: إن عيسى ابن مريم ، عليهما السلام ، ينزل عليها وقبر نور الدين محمود بن زنكى ، وقبر صلاح الدين يوسف بن أيوب وقبر بلال بن حمامة وقبور ثلاث من أزواج التي ، عليه السلام ، وقبر فضة وقبر أبى الدرداء وأمه وقبر فضالة بن عبيد وقبر سهل بن الحنظلة وقبر واثلة بن الاسقع وقبر أوس الثقفى وقبر أم الحسن ابنة حمرة وقبر على بن عبد الله بن العباس ، وقبر أخيه وقبر خديجة ابنة زين العابدين ، وقبر اسكندر بن الحسن وقبر أويس القرني ، وقيل: إنه فى الرقة وقبر عبد الله بن مسعود وأبى بن كعب ، وقبر دحية الكلين ، وقيل: إن بها هابل ومغارة الجوع ، وقيل: إن بها أربعون بيتا ومائة وست وثلاثون مغارة ، وبدمشق المحروسة سبعة أنهر إذا اجتمعت صارت مثل النيل وأما ما بها من الفواكه الرطبة واليابسة والرياحين والأشياء المفردة واللطائف والأقمشة ما يطول شرحه ، وبها الثلج لا يزال على الجبال شتاء وصيفا وجميع أهلها يشربون منه ، وينقل منه إلى السلطان وأركان الدوله الشريفة ، وتقدم أن من جملة أقاليمها الرملة ، وأما مدينة بيسان فهي من معاملة دمشق وأما مدينة السلط فهى لطيفة ، وبها قلعة ولها أقاليم وهى من معاملة دمشق أيضا وأما مدينة نابلس فإنها مدينة حسنة ، وكان بها قلعة هدمت ، ولها إقليم يشتمل على ثلثمائة قرية ، وهى أيضا من معاملة دمشق وأما مدينة عجلون فلها قلعة وإقليم على عدة قرى وهى جبال وأودية وهى أيضا من معاملة دمشق ، وأما مدينة حسبان فلها قلعة خربة ، وأقليمها البلقاء تشتمل على نيف ثلثمائة قرية بأرض مستوية ، وهى أيضا من معاملة دمشق وأما مدينة صرخد فإنها مدينة عجيبة لصعوبتها، وبها قلعة حصينة من الصوان الأسود ، ولها إقليم به ما ينوف عن مائة قرية ، وهى أيضا من معاملة دمشق ، وأما مدينة الصبيبة وتعرف ببانياس بها قلعة حصينة ، وهى مدينة لطيفة يزرع بها الأرز يجلب منها إلى دمشق وغيرها ، ولها إقليم بعضه يعرف بالحوله يشتمل على مائتي قرية ، وهى أيضا من معاملة دمشق ، وأما الحوران قيل : إن به عدة أقاليم ، والمستفيض بين الناس أنه نيف عن ألف قرية ، وبها مدينة اللجاة ومذن صغار متفرقه ، وهى أيضا من معاملة دمشق ، وأما إقليم الغوطة قيل : إنه نيف عن ثلثمائة قرية وبه مذن صغار وبلدان تشابه المدن ، وهى أيضا من معاملة دمشق ، وأما إقليم نعران فهو عجيب لكثيرة أوعاره ، وأكبر بلدانه نعران، قيل : إنه نيف عن مائة وستين قرية ، وهى أيضا من معاملة دمشق ، وأما الزيدانى فهو مقارب مدنه ، وله إقليم نيف وخمسون قرية وبه أنهر كثيرة ، وهو أيضا من معاملة دمشق ، وأماكرك نوح فهى مدينة لطيفة ومن معاملتها وادى التيم ، وله إقليم مع ما يضاف إلى الوادى المذكور ثلثمائة وستون قرية ، وهى أيضا من معاملة دمشق وأما السويدية فأصلها مدينة كثيرة وهى الأن غالبها خراب ، ولها إقليم يشتمل على ما ينوف عن مائتي قرية ، وهى أيضا من معاملة دمشق ، وأما مدينة بعلبك فإنها مدينة حسنه إلى الغاية وبها قلعة حصينة بها عمد وقيل: إن سليمان عليه السلام أمر بعمارتها وببعلبك جوامع ومدارس وأماكن مباركة وأسواق وحمامات وبساتين وأنهار ما يطول شرحها، ولها إقليم حسن يشتمل على ثلثمائة وستين قرية ، وهى أيضا من معاملة دمشق ، وأما حمض فإنها مدينة حسنة وهى تشتمل على سور وقلعة ، وقيل إنها مدينة فوق مدينة ، وهى عجيبة من العجائب، وبها قبر خالد بن الوليد رضى الله عنه ، وبها جوامع ومدارس وأسواق وحمامات ، وأما يصرى فلها إقليم يشتمل على عدة قرى وهى من معاملة دمشق ، وأما البقاع العزيز فإنه إقليم به عدة قرى وأماكن متسعة ، وهى أيضا من معاملة دمشق ، وأما مدينة صيدا فهى مينا دمشق ، وهى مدينة لطيفة على شاطىء البحر المحيط ترد إليها المراكب ، ولها إقليم به ما ينوف عن مائتي قرية ، وهى أيضا من معاملة دمشق ، وأما مدينة بيروت فهى مينا أيضا وهى نظيرها ، ولها إقليم به عدة قرى وهى أيضا من معاملة دمشق . وأما المملكة الطرابلسية فانها مملكة جيدة أعظم مدنها طرابلس ، وهى مدينة حسنة بها جوامع ومدارس وأسواق وحمامات وعمائر حسنة وهى على شاطىء البحر المحبط ، يقال: إنها شأمية مصرية لحسن هيئتها ، وهى تشتمل على عدة مدن وأقاليم وقلاع وقرى على ما يأتى تفصيله ، أما مدينة صهيون فهى مدينة لطيفة وبها قلعة صهيون وهى قلعة حصينة ، ولها إقليم بمفردها به عدة قرى وهى من معاملة طرابلس وأما قلعة المرقب فهى حصينة ، ولها معاملة بها عدة قرى وهى أيضا من معاملة طرابلس ، وأما حصن الأكراد فهو حصن منيع وله معاملة به عدة قرى، وهو أيضا من معاملة طرابلس ، وأما قلعة قدموس فهى حصينة ، ولها معاملة بها بعض قرى ، وهى من معاملة طرابلس وأما اللاذقية فإنها مدينة متسعة جدا وغالبها خراب ، وهى قريبة من البحر المحيط، ولها معاملة بها قرى كثيرة ، وهى أيضا من معاملة طرابلس ، وأما جبلة فإنها مدينة لطيفة وبها قبر إبراهيم بن أدهم ولها معاملة ، وهى أيضا من معاملة طرابلس ، وأما عرقا فهى أيضا مينا، وهى من توابع طرابلس ، وأما حصن عكار فهو منيع وله معاملة بها قرىى، وهو من معاملة طرابلس ، وأما الكهف فهو منيع أيضا وهو من توابع طرابلس ، وأما الروافة فكذلك وقيل : إن المملكة الطرابلسية وتوابعها تشتمل على قريب من ثلاثة ألاف قرية ، وأما المملكة الحماوية فإنها مملكة متسعة تشتمل على مدن وقلاع وأقاليم وقرى وأعظم مدنها حماة وهى مدينة حسنة إلى الغاية تشتمل على سور محكم وأبراج عديدة ، ولها قلعة أخربها تمرلنك ، وبها النهر العاصى يحيط بها ، وبها شخاتير كثيرة وبها مفترجات كثيرة وبها جوامع ومدارس ومساجد وأماكن ومزارات مما يطول شرحه ، وأما سلمية فلها معاملة بها عدة قرى وهى من معاملة حماة وبها المحاريب السبعة ، يقال: تختها قبور التابعين وبها قبر النعمان بن بشير الصحابي رضى الله عنه ، وكان جوادا سخيا كريما ومن جملة سخائه أن شخصا من همذان كان ذا مال ، تم افتقر فغشيه وأعلمه بحاله فلما صعد المنبر قال : إن فلانا من ذوى البيوت ، وهو الأن فقير كل منكم يساعده . فقالوا : كل منا يعطيه شيئا فقال كل اثنين دينار فرضوا بذلك فقال : أنا أعجلها من بيت المال ، وأنتم تعوضوها فحسبها ، ودفع إليه من بيت المال عشرة ألاف دينار فأنشا يقول : ولم أر للحاجات عند التماسها كنعمان نعمان الندى بن بشير إذا قال أوفى بالمقال ولم يكن لكاذبة الأقوام حبل غرور فلولا أخو الأنصار كنت كنازل ثوى ما ثوى لم ينقلب بنقير متى أكفر النعمان لم أك شاكرا ، ولا خير فيمن لم يكن بشكير وأما مدينة المعزة كان اسمها ذات القصور وهى الأن لطيفة ، ولها معاملة وقرى عديدة ، وهى من معاملة حماة وبها قبر محمد بن عبد الله الصحابي وبدير مران قبر عمر بن عبد العزيز الأموى رضى الله عنه ، وأما حصن الفداوية فهو منيع وله معاملة به عدة قرى ، وهو أيضا من معاملة حماة ، وأما مدينة مصياف فإنها لطيفة ولها معاملة ، وهى من جملة معاملة حماة . وأما المملكة الحلبية فإنها مملكة متسعة إلى الغاية تشتمل على مدن وقلاع ومعاملات وقرى عديدة ، وأعظم مدنها حلب ، وهى مدينة تشتمل على سور محكم وقلعة محكمة وبها من جوامع مدارس ومساجد ومزارات وعمائر حسنة وأسواق وحمامات ما يطول وصفها ، وهى باب الملك ، وأما مدينة أنطاكية متسعة جدا بها قبر الحبيب النجار ولها إقليم به عدة قرى وهى من معاملة حلب ، وأما مدينة جعبر فهى مدينة لطيفة ولها قلعة حصينة وإقليم به عدة قرى وهى أيضا من معاملة حلب .
وأما مدينة الرحبه فهى مدينة لطيفة ، ولها قلعة وإقليم به عدة قرى ، وهى أيضا من معاملة حلب ، وأما مدينة سيجر فهى مدينة لطيفة وبها قلعة حصينة ، وإقليم به عدة قرى وهى أيضا من معاملة حلب .
Bog aan la aqoon