Zir Salim Abu Leyla Muhalhal
الزير سالم: أبو ليلى المهلهل
Noocyada
ولعله من المفيد لبحثنا هذا التخلص من كل محظورات وتابوات أو محرمات الأبحاث التاريخية التراثية والإنيزيمية الروحية المتصلة بمنتجات العقل الغيبي، وكذا القدري والدهري والوعيدي ومعطياته أو منزلاته السماوية وغيرها.
نحن هنا بإزاء البحث التراثي التاريخي الذي يجري تطبيقاته على نماذجه العينية الميدانية، والمستهدف إعادة التبصير بالتراث - وصنوه التاريخ - من منطلقات أثنوجرافية لعلم الثقافة.
مع الأخذ في الاعتبار أن تخلصنا هذا من براثن المناهج السحرية والخرافية أو المثالية التي ترى في الإنسان أنه حقق فوزه سلفا أو مقدما بشكل أبدي، ومن هنا تجيء معطياته الروحية ممثلة في أساطيره وملاحمه وشعائره وتمائمه المحجبة، والمجهزة على الدوام بسلطة المنع والتحريم، كمناطق محرمة أو تابو لا يجوز اجتياجها.
ويصل هذا المنع والتحريم إلى حد علاقات الانتساب أو سلسلة القرابة التي تضفي الهالات الروحية والمقدسة على عائلاتها الحاكمة والمتسلطة، وهم لا يعرفون بالمنسبين، والذين هم بذاتهم موضوع كل هذه السير والملاحم العربية بلا استثناء، بدءا من سيره وملاحمه العربية العراقية، جلجاميش - 5 آلاف عام - وأترياجيس، وسيرة ذي اليمنين، والتباعنة ملوك اليمن، وآخرهم التبع حسان اليماني، الذي اغتاله في الشام - مع مطلع سيرتنا هذه - كليب آخر الملوك اليمنيين سيف ابن ذي يزن الحميري، وعنترة، والسيرة الهلالية، والأخيرة ليست بأكثر من تراجم قحطانية يمنية وقيسية نجدية حجازية لأبطالها وشخصياتها من شخصيات أساسية وهامشية.
ولا مفر لأي باحث أدبي أو فولكلوري أنثروبولوجي متقدم الفكر والمنهج - حين تعرضه بالدراسة والبحث لهذا التراث - من الغوص في متاهات الأنساب والعائلات الضاربة الجذور على مدى يصل بنا حقا إلى ما قبل الألف الثانية قبل الميلاد؛ أي بتقدير معتدل ما يربو على الأربعين قرنا بالنسبة لمجتمعاتنا وكياناتنا العربية.
إننا بإزاء سير وملاحم القبائل والعائلات المستغلة الضاربة الجذور في المجتمع العبودي الإقطاعي بعلاقاته وتوجيديا قصوره، والتراجم الذاتية لأبطاله وخوارقهم التي تتوازى كل التوازي والتوافق مع منتجات مثل هذه المجتمعات الروحية في احتوائها وفي تمثلاتهم الاجتماعية السالفة والآنية ذات الأصول المتعالية، وينتهي الأمر بأحبولة سياسية تحفظ للبنى الاجتماعية الطبقية دوامها وحفظ سلطتها وتسلطها.
وعلى هذا فنحن بإزاء سيرة أنساب ملحمية قبائلية عربية موغلة القدم، وبالتالي ضاربة الجذور الطوطمية، يتبدى فيها الإمبراطور التبع والملك والأمير كتجسيد مباشر للطوطم والأجداد المقدسين أو الآلهة الطواطم من حمير لنوق - تنتسب إلى ناقة صالح - وكلاب وماعز وضباع ولبؤات وحمام ويمام، وهكذا كما سيتضح لنا عبر أحداث سيرتنا «الزير سالم».
وهي مرحلة معاصرة مع عصور ما قبل الأسرات في مصر الفرعونية 3600ق.م، بل إن اللقب الملكي «زير» الذي اتخذه بطل سيرتنا الزير سالم لم يعثر عليه إلا في عصر ما قبل الأسرات البداري، الذي تسمى به أول
2
الفراعنة زير وزيت، اللذين دفن معهما حريمهما وكافة الإداريين والموظفين بحيث بلغ العدد 68 شخصا في قبر «زير»، و123 في قبر «زيت»، فلعل زير كان لقبا لذلك البطل الفلسطيني الزير سالم الذي موطنه «بئر سبع»، كما هو بالنسبة لفراعنة ما قبل الأسرات في مصر، كما يلاحظ أن هناك معالم فلسطينية - إلى أيامنا - ما تزال تحمل اسم «زير» و«زيت»؛ حيث جامعة بيرزيت الفلسطينية الحالية بالأرض المحتلة، وحيث دولة «بنو الزيري» الفلسطينية في شبه جزيرة أيبريا أو الأندلس فيما بعد.
Bog aan la aqoon