294

============================================================

و أذن لهم الكلمة أن يفجروا فيها الأنهار، وطرح إليهم غرسا، فغرسوا من الحب والنوى، فعمروا الأرض دهرا. فكانت الجن أصحاب النعم والشاء والغنم والخيم والضرع، وكانت الحث أصحاب الحرث والغرس. ثم تحاسدوا واقتتلوا، فصاروا اأحزابا . فصار صنف الناريين مع الجن، وصار صنف الظلمانيين مع الحن، فاقتتلوا دهرا طويلا قتالا شديدا. ثم إن الله عز وجل خلق خلقا يقال له "النصر"، وجندا يقال له "الرعب". فقذف الرعب في قلوب الجن والحن، وأيد ملائكة يقال لهم "الكروبيون" بالتصر. وكانت الجن والحن تصعد إلى مقاعد السمع، فيسترقون التمع من السماء الدنيا في موضع التدبير، فتنزل وتلقيه على ألسنة الكهنة . وذلك قوله عز وجل (وإنا كنا نقعد منها مقاعد للسمع) [الجن: 9]، وقال عز وجل (والجان خلقناه من قبل من نار السموم [الحجر: 27]، وقال إلا إبليس كان من الجن) [الكهف: 50]، وقال (خلقتني من نار وخلقته من طين [الأعراف: 12]. فهذا بدء خلقهم على ما روي في الحديث.

قال أبو عبد الله عليه السلام: والجن على ثلاثة(1) أجزاء؛ فجزة مع الملائكة، وجزء يطير في الهواء، وجزء حياث وكلاب. قال: والجن عليها الثواب والعقاب. قال الله عز وجل (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون) الذاريات: 56]، وقال لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين [هود: .[119 والجن في اللغة مأخوذ من الاجتنان، وهو التستر والاستخفاء. ويقال: جنين ومجنون، أي مستور. قال الله عز وجل (وإذ أنتم أجنة في بطون أمهاتكم) النجم: 32]. وسمي الجنين "جنينا" لاستتاره في البطن. قال الله عز وجل فلما جن عليه الليل رأى كوكبا) [الأنعام: 76]، أي جعله في جنة من سواده.

يقال: جن عليه الليل، يجن، جنونا. فهو مع الصفة بحذف الألف(2)، على فعل، يفعل، فعولا، ومع غير الصفة بالألف على أفعل، يفعل، إفعالا. قال لبيد: [الكامل] (1) هكذا في م، وفي ب : ثلاثة أجزاء.

(2) إصلاح المنطق ص 295.

Bogga 291