============================================================
ذلك كذلك، لأن الله عز وجل يؤتي الفضل من يشاء من عباده، وهو أحكم الحاكمين.
فقد ظهر فضل لغة العرب وكمالها لحيازتها هذه الحروف الثمانية والعشرين،ا الي هي بنية الكلام.
فإن قال قائل إن الزيادة والنقصان وقعا في لغة العرب، وإن التمام في سائر الغات، وإن الحروف التامة هي التي بني عليها سائر اللغات ودارت عليها، قلنا: المعيار بيننا وبينهم الحساب، لأنا اختلفنا في عدد الحروف، والعدد هو الحساب ل والحساب هو الشاهد العدل الذي اتفقت عليه الأمم كلها، ولم يختلفوا في أصله وبنيته كاختلافهم في سائر العلوم. وهو من أجل العلوم، وعليه مدار أمر الدنيا والآخرة، وبه قام أمر الدين، لأن أصل الدين التوحيد. فالواحد اسم من أسماء اله عز وجل، وهو من أعظم صفاته، لا يشركه في هذه الصفة مخلوق. والواحد هو أصل الحساب، وعلة العدد، وأول الأعداد. خلق الله عز وجل جميع خلقه بحساب، وجعله معلوما بالعدد، مثل الأوقات والذهور والأفلاك والسموات والأرضين والبحار وغير ذلك. فقال عز وجل (خلق السموات والأرض في ستة أيام) [الأعراف: 54]، وقال ({خلق سبع سموات ومن الأرض مثلهن [الطلاق: 12]، وقال (والبحر يمده من بعده سبعة أبحر) [لقمان: 27]، وقال إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله يوم خلق السموات والأرض منها أربعة حرم ذلك الدين القيم) [التوبة: 36]، وقال (الشمس والقمر بحسبان [الرحمن: 5]، وقال {هو الذي جعل الشمس ضياء والقمر نورا وقدره منازل لتعلموا عدد السنين والحساب [يونس: 5] .
ثم بين تبارك وتعالى دينه على ألسنة الأنبياء والرسل عليهم السلام، فجعله فرائض وسننا معدودة محسوبة، فجعل أوقات الصلاة خمسة، وأمر بالصلاة كعات معلومة معدودة، والصيام أياما معدودة(1)، وفي الزكوات(2) مواقيت (1) هكذا في الأصول، وفي المطبوع: معدودات، وهو جمع قلة، لا يتوافق مع أيام الصوم الثلاثين.
(2) هكذا في الأصول، وفي المطبوع : الزكاة.
Bogga 101