Saytuun iyo Sindiyana
الزيتونة والسنديانة: مدخل إلى حياة وشعر عادل قرشولي مع النص الكامل لديوانه: هكذا تكلم عبد الله
Noocyada
نشر الشاعر حتى الآن ديوانين بالعربية (موال في الغربة 1967م، والخروج من الذات الأحادية 1985م)، وخمسة دواوين بالألمانية (كحرير من دمشق 1968م، وعناق خطوط الطول 1978م، وموطن في الغربة 1984م، ولو لم تكن دمشق - ويضم مختارات من دواوينه السابقة - 1992-1993م، وهكذا تكلم عبد الله 1995م). والجدير بالذكر أن بعض قصائده المختارة قد نشرت مع قصائد لكبار الشعراء من ألمانيا الشرقية السابقة، في أكثر من خمس عشرة مجموعة منتخبة (أو أنثولوجيا)، أصدرتها دور نشر ألمانية مختلفة قبل الوحدة وبعدها، بجانب مجموعة أخرى منتخبة من الشعر الألماني المعاصر ظهرت بالإنجليزية في عددي شهري أكتوبر ونوفمبر سنة 1998م، من مجلة شعر الأمريكية.
8
أما عن ترجمة الشعر، فقد نقل إلى الألمانية عددا كبيرا من القصائد - التي لم يبلغ إلى علمي أنها نشرت في كتاب - لمجموعة من الشعراء العرب المتميزين؛ من أهمهم: أدونيس، ومحمود درويش، وسميح القاسم وغيرهم، كما ترجم إلى العربية قصائد رائعة لأستاذه وراعيه جورج ماورر، نشرها مع مقدمة طويلة عن شخص «ماورر» وشعره، تحت عنوان إحدى القصائد الملحمية المطولة للشاعر «ما هو خاص بنا» (1981م)، كما نقل إلى العربية أيضا مجموعة من قصائد بعض أصدقائه وزملائه في الدراسة - ولم يبلغ إلى علمي أيضا أنها نشرت في كتاب - ومن أهمهم: صديقه الشاعر «فولكر براون»، الذي نقل له كذلك إلى العربية مسرحيته الشعرية «تشي جيفارا أو مدينة الشمس» 1986م.
ونأتي إلى حقل المسرح ودراساته وترجماته فيه، فنذكر في البداية أن أطروحته الجامعية للدكتوراه - التي حصل عليها في سنة 1970م - كانت عن مسرحية «بريشت» التعليمية «الاستثناء والقاعدة» وصور استقبالها أو تلقيها في العالم العربي، مع مناقشة للجوانب المختلفة من سوء الفهم، وسوء التفسير لمنهج «بريشت» ونظريته عن المسرح الملحمي (أو بالأحرى السردي)، وقد شاءت الصدفة التاريخية وحدها أن يكون كاتب هذه السطور هو أول من ترجم إلى العربية نصا مسرحيا لبريشت (وإن كان قد سبقه غيره إلى الكتابة عن بريشت، راجع مقدمة الطبعة الثانية لكتابي «قصائد من بريشت»، القاهرة، دار شرقيات، 1999م). وأن يكون هذا النص الأول هو تلك المسرحية نفسها التي نقلتها - قبل أن يتاح لي التعمق في الألمانية - عن الفرنسية، ونشرت في مجلة «الهدف» سنة 1957م، قبل أن تصدر مع مسرحيته الأخرى التعليمية «محاكمة لوكوللوس» سنة 1966م عن سلسلة المسرح العالمي التي كانت تصدر في القاهرة. ومع أنه لم يقدر لي الاطلاع على هذه الأطروحة، فقد عرفت لأول مرة من فم الشاعر نفسه - عندما تشرفت بلقائه وصحبته في القاهرة في شهري يناير وفبراير من هذا العام - أن ترجمتي المتواضعة لم تكن هي الترجمة العربية الوحيدة، ولا كانت كذلك ترجماتي التالية لعدد كبير من قصائد «بريشت» ومسرحياته الطويلة والقصيرة. والأهم من كل هذا أن الشاعر قد توفر بعد ذلك على دراسة الموضوع نفسه، وتوسع فيه، حتى أصدر بحثه الهام بالألمانية عن «بريشت» في المنظور العربي، وهو الذي نشره له مركز دراسات بريشت في برلين سنة 1982م، كما ترجم إلى العربية في نفس الوقت على وجه التقريب أربع مسرحيات للكاتب والشاعر الشهير، وهي: «أوبرا، ازدهار، وانهيار مدينة مهاجوني» (التي شاءت الصدفة - مرة أخرى ودون علم مني بسبق ترجمتها - أن ترجمتها ترجمة شعرية في سنة 1990م، وأن تصدر قبل عامين ضمن مطبوعات المشروع القومي للترجمة عن المجلس الأعلى للثقافة بالقاهرة)، و«قائل نعم وقائل لا»،
9
و«دانزين»، و«ثمن الحديد».
وقد أجرى الشاعر مجموعة من الحوارات الهامة والشاملة عن بريشت، والبريشتية، والمسرح الملحمي وبريشت في المرآة العربية في عدد من المجلات العربية المخصصة للثقافة المسرحية مثل: مجلة الحياة المسرحية (السورية، 1980-1981م)، ومجلة فضاءات مسرحية (التونسية، 1986م)، والعالم الثقافي (المغربية، 1994م)، وذلك مع السيد مصطفى عبود، والسيدة خيرة الشيباني، والدكتور عبد الرحمن بن زيدان.
ويطيب لي أخيرا أن أذكر أن الشاعر قد ترجم إلى الألمانية - بالاشتراك مع زوجته المستعربة الفاضلة السيدة ريجينا قرشولي - مجموعة من المسرحيات العربية، لنخبة من الكتاب والشعراء العرب، وهي مجموعة نتمنى أن تظهر في أقرب وقت في سوق الكتاب الألماني، وفوق خشبة المسارح في المدن الأوروبية المختلفة، وهذه هي المسرحيات مع تواريخ ترجمتها: رأس المملوك جابر، لسعد الله ونوس (1973م)، وعلي جناح التبريزي وتابعه قفة، لألفريد فرج (1976م)، والمفتاح ليوسف العاني، والعصافير تبني أعشاشها بين الأصابع، لمعين بسيسو (1979م)، ومؤسسة الجنون، لسميح القاسم (1979م)، وديوان الزنج، لعز الدين المدني، والرفيق سمعان، لجلال خوري، وأهل الكهف 74، لمحمود دياب، وعلى رصيف المقاومة، لحمدة خميس (1979م).
ولا بد من القول في الختام: إن محاوراته ومساهماته بالخطب والمقالات والدراسات، في الصحف والمجلات والحوليات والمؤتمرات والكتب والإصدارات التذكارية - لا سيما عن بريشت وجورج ماورر - أكثر من أن تحصى، ومن شاء أن يطلع على البيبليوجرافيا الوافية، حتى سنة 1999م، عن مؤلفاته وترجماته ومقالاته وحواراته، فليرجع إلى الأطروحة الجامعية التي كتبتها عن حياته وأعماله السيدة «فريدريكه هيندلر»، وقدمتها إلى جامعة دريسدن (من ص89-105). ويشرفني أن أشيد بفضلها ، وأن أقول إنني قد أفدت منها فائدة لا تقدر، وذلك بصرف النظر عن اهتمامها الأساسي بالظروف الاجتماعية والسياسية التي عاش الشاعر في ظلها وبعدها - إلا فيما ندر - عن تحليل النصوص وتفسيرها.
10 (و) رأينا كيف كافح عادل قرشولي طوال العقود الثلاثة التي سبقت قيام الوحدة الألمانية في سبيل أن يغرس جذوره، ويمد جسوره في اللغة والأدب والثقافة الجديدة عليه، بحيث أصبحت وطنه وسكنه، وشعر وهو يشارك فيها ويبدع بها أنه يعيش في بيته. لم يخطر على باله أبدا أن ينسب إبداعه إلى الأدب الذي يسمى بأدب المهاجرين أو اللاجئين أو أدب العمال الأجانب. فلما تحققت الوحدة بين الشطرين، وبدأ البحث العلمي في الاهتمام الجاد بأدب المهاجرين، نشب الخلاف حول إنتاجه: هل ينتمي إلى هذا الأدب الأخير كما رأى معظم النقاد والباحثين من ألمانيا الغربية، أم هو جزء لا يتجزأ من الأدب الألماني الذي نشأ في ظل الحكم الاشتراكي في ألمانيا الديمقراطية السابقة؟ وأثار موقف أولئك الباحثين غضب الشاعر وسخطه، إذ وجد أنهم لم يهتموا إلا بجانب واحد من إنتاجه الشديد التنوع، وأنهم أغفلوا الاعتراف به، والحفاوة التي لقيها في ألمانيا الشرقية السابقة كشاعر وعضو فعال في اتحاد الكتاب بها، منذ الثمانينيات، إغفالا تاما، مع أنه لم يصنف نفسه ولا صنفه أي ناقد في تلك الفترة الطويلة داخل دائرة أدب المهاجرين أو أدب الأجانب، كما أنه اعتبر نفسه واعتبره الجميع عضوا بارزا في جسد الحركة الشعرية والنقدية في ذلك البلد الذي سمى نفسه «البلد الأفضل». ولا يقلل من هذه الأهمية أن أصله الأجنبي قد لعب دورا لا يستهان به في إنتاجه الشعري الذي يدور حول الغربة في الوطن أو حول الوطن في الغربة، وأن اسمه لم يذكر مرة واحدة - كما تقول الباحثة السابقة الذكر في أطروحتها (ص121) - في أي معجم أدبي أو تاريخي للأدب القومي نشر في ذلك البلد الأفضل.
Bog aan la aqoon