وقال عدنان: «خذي الحذر وأنت تصعدين الدرج.»
كان داخل المنزل خرابا، وبدا وكأنما لم يسكنه أحد منذ عقود وعقود؛ إذ كان السقف شبه محطم، تنتشر فيه فجوات ذات أشكال غير منتظمة، وكانت الأسلاك قد تعرت وبدت مع الأوراق المتناثرة في كل مكان. وكانت الأرضيات يكسوها غثاء رمادي اللون، والرائحة نفاذة، تجمع بين روائح العفن والمطر ومياه المجاري.
وصعد كل من كاثي وعدنان الدرج بحرص حتى وصلا إلى المكتب. كان شكله قد اختلف تماما، كانت أقدامهما تغوص في السجادة في كل خطوة، وكانت رائحة الحيوانات تصل إلى أنفهما، وتسمع أصوات جريها أثناء سيرهما في المكتب، فتحت باب إحدى الخزائن فوقعت عشرة صراصير على يديها، وصرخت. وتولى عدنان تهدئتها.
قال: «فلنأخذ الأوراق وحسب وننصرف.»
ولكنها لم تجد أي شيء في المكان الذي تذكره. كانت دواليب الملفات قد تزحزحت عن مكانها، وكراسات جداول العمل التي كانت فوق المكاتب متناثرة في كل مكان، فجعلت تبحث في الدواليب وأدراج المكاتب، وهي تنظف الملفات السليمة مما علاها من حشرات، وكانت بعض الملفات قد أصابها من البلل والطين ما أفقدها كل نفع لها. فجمعت كومة من الملفات التي يتعذر قراءة ما فيها، آملة أن تجد في البعض الذي تعرفه برهانا على ملكيتهما للمبنى. كان الوضع عبثيا؛ إذ كانت تفتش في المبنى الذي تملكه، وهو الذي يعرف الجميع أنه المقر الرئيس لشركتهما المشهورة، باحثة عن قطعة متسخة من الورق تقبلها محكمة مؤقتة في مقابل الإفراج عن زوجها. وماذا تكون الحال لو لم تجدها؟ هل يواصل زوجها سقوطه في هذه الهوة الشاسعة الناجمة عن انهيار النظام القضائي بسبب غياب هذه القطعة من الورق؟!
وسألت عدنان بصوت مخنوق: «ساعدني أرجوك.»
وظلا يفتشان ساعة كاملة، فتحا كل درج وكل ملف، حتى تصورت أنها تعيد فحص الملفات القليلة السليمة نفسها التي سبقت لها قراءتها، ولكنها وجدت بغيتها أخيرا في درج كانت واثقة بأنه لا يحتوي على شيء ذي قيمة. كان عقد البيع للمبنى رقم 3015 بشارع دبلن. كانت راكعة على ركبتيها، وقد اتسخت عباءتها، وقبضت على الورقة في يدها، وغلبها البكاء، ثم اعتدلت في جلستها ولا تزال ترتعد.
وقالت: «أرجو أن تنجح هذه وإلا ...»
ونهضا والأوراق في أيديهما فعادا إلى مكتب المحامي رالي في باتون روج، وقام رالي بإعداد أوراق الإفراج، وأرسلها بالفاكس إلى مسئول الكفالات، ورد المسئول قائلا إنه تسلم الأوراق وإن الكفالة قد دفعت، واتصل رالي بسجن هنت مؤكدا أن جميع الأوراق اكتملت وأن الكفالة دفعت، وقيل له إنهم تسلموا الأوراق، ولكن المكتب أغلق أبوابه مبكرا في ذلك اليوم. كان ذلك في الثالثة عصرا.
كان على زيتون أن يقضي ليلة أخرى في سجن هنت.
Bog aan la aqoon