السبب الثقافي
في تصور كثير اليوم فإن "ثلاثية الهيمنة/الاستبداد المحلي/ التخلف الثقافي" تشكل ال20
من الأسباب التي في يدها 80
من المشاكل. والجزء الأهم من تلك ال20
هي الأسباب الثقافية. يظهر هذا الأمر الأخير بالنظر إلى أيها أكثر تأثيرا على تقييد الإرادة وتعطيل التفكير اللذان هما لب مشاكلنا وعمقها. الثقافة في هذا السياق يقصد بها مجموع الأفكار والانطباعات، والقيم السائدة والتوجهات، والافتراضات الأساسية، في أي مجمتع والتي تحدد أهداف وآمال وطموحات ودوافع المجتمع في حركته. فتوجد عوامل ثقافية تطلق إرادة الإنسان، وتفتح الآفاق أمام تفكيره، فتشكل بذلك مناخا ملائما للتطور الاقتصادي والسياسي، وهناك عناصر أخرى تشكل الأرضية الملائمة لإعاقة كل ذلك. وذلك أن كل عمل سياسي أو اقتصادي يعتمد على فاعلية العاملين فيهما،والفاعلية ناتجة عن التفكير والإرادة،وهما مقيدان بالثقافة السائدة. وقد أكد تأثير الثقافة على مسار المجتمع كثير من الدراسات حول التطور الاجتماعي والاقتصادي والسياسي. ثم إنه وبنظرة واحدة إلى مجموعة من العناصر الثقافية السائدة تعطي بداهة القناعة بأن تأثيرها سيكون محبطا للغاية. ولا شك في أن الثقافة لا تعمل وحدها، بل تعمل ضمن عوامل أخرى متعددة، بعضها ناشئ عنها نفسها، وبعضها مستقل عنها، فالثقافة مؤثرة ومتأثرة، وموجودة ضمن شبكة من المؤثرات غيرها، ولكن هذا لا يلغي دورها المركزي في التأثير على غيرها من العوامل من جهة، وفي التأثير على المسار العام للمجتمع من جهة أخرى.
Bogga 22