وبعد العشاء في المدينة تلك الليلة سألها قائلا: وهل تزوريني الآن في بيتي؟ - في بيتك؟ أتخطب العصر وتتزوج المساء، أولم أقل لك إنني لا أقبل هديتك كخطبة؟ لا.
فضحك نجيب، ثم سألها: أتحبين أن تسمعي الغناء الإفرنجي؟ - لا، لا، يمزق أذني. - التمثيل إذن؟ - لا أفهم منه شيئا. - الرقص؟ - عليك نور، كما يقول ابن مصر.
فذهبا إلى تياترو ترقص فيها راقصة مشهورة رقصا شرقيا جديدا، فسرت مريم به أكثر من سواه، وقالت لنجيب: رقص أولئك البنات اللواتي يقفن على أصابعهن رقص يدهش، ولكن رقص هذه الامرأة يسكر كالخمر، الله ما أجمل فنها وما أبدع حركاتها!
وبعد أيام ذهبت مريم والخادمة شرلت إلى المخزن الكبير فابتاعت قميصا من الحرير صفراء، وبعض قطع من الحرير الهندي وأحراما من السندس الأحمر القاني، وآخر أبيض. - ما غرضك يا مريم؟ - سترينني، أدعوك غدا مساء إلى غرفتي.
في ذاك المساء خلعت مريم ثيابها حتى جواربها ولبست تلك القميص وشدت الأحرام حول خصرها منبسطا على حقويها معقودا تحت بطنها ورفعت الأحرام الأبيض بيديها أمام وجهها فبدت كالراقصة الشرقية وأخذت ترقص رقصها، ثم دعت شرلت فدهشت إذ رأتها في ذاك الزي وراحت تستدعي سيدتها، فجاءت مدام لامار يتبعها المسيو فرنسوى، وأغرق الجميع في الضحك والاستغراب، ثم أخذت مريم تقلد الراقصة المشهورة فضجت الغرفة؛ غرفتها بالتصفيق والهتاف ...
Tres bien! Tres bien.
C’est excellent!
C’est epatent!
Encore encore!
وهذا أول ظهور مريم راقصة، غرفتها المسرح وغرفتها التياترو وسيدتها وسيدها والخادمة شرلت الحضور، وقد فازت بظهورها فوزا مبينا، فتشجعت واستمرت تتمرن على الرقص، وفي تلك الليلة بعد انتهاء الرواية عاد المسيو فرنسوى يطرق باب الراقصة الشرقية التي افتتن بها، ففتحت مريم الباب فرأته واقفا يفرك يديه ويردد أمثولته مبتسما: واهد، اتنين، أهبك.
Bog aan la aqoon