Waqtiga Falsafada iyo Sayniska
الزمان في الفلسفة والعلم
Noocyada
وعلى مشارف الفلسفة المسيحية في العصر الوسيط، يأتي القديس أوغسطين
St. Augustine (354-430م) ليقدم أول وأهم معالجة فيها لإشكالية الزمان. لقد اهتم بالزمان اهتماما بالغا، وأعرب عن حيرته الشديدة بشأن تعريفه وقياساته، خصوصا إذا ما قورنت بقياسات المكان، فعالج الإشكالية بالتفصيل في كتابيه الشهيرين مدينة الله والاعترافات، خصوصا الأخير الذي يبشر بمفاهيم أساسية، ويرسي إضافات جوهرية، ظلت تحدد معالم الزمان اللاعقلاني، حتى برزت في الفلسفة الوجودية المعاصرة.
وأوغسطين على رأس السائرين في الطريق الذي شقه أفلاطون وأفلوطين، ويواصله بصورة أكثر جذرية، وهو بالتالي حامل مخلص لميراث أفلاطون، فيفرق مثلهما بين الزمان والأبدية، ويعتبر الزمان صورة مفككة شائهة من الأبدية، ويصدق على قول أفلاطون إن الله خلق الزمان مع العالم، ولم يخلق العالم في الزمان، على أن الله خالق للعالم من العدم، وليس مجرد صانع أفلاطوني مشكل للمادة الموجودة. ومن أشهر الأقوال المأثورة عن أوغسطين تساؤله في الاعترافات: ما هو الزمان؟ وإجابته بأنه طالما لم يطرح السؤال فإن الزمان معروف جيدا، أما إذا طرح السؤال فلا ولن تعرف ما هو الزمان، ويستحيل صياغة إجابة . وذلك عين ما قاله أفلوطين في التاسوعية الثالثة عن الزمان: «إننا نحس إزاءه بخبرة معينة تحدث في نفوسنا بغير عناء، وعندما نحاول أن نختبر أفكارنا عنها نحتار.»
7
ما معنى هذا؟ معناه بإيجاز أن الزمان لاعقلاني، تجربة حية معاشة، وليست موضع تنظير عقلاني.
بهذه اللاعقلانية، وعلى الأساس الأفلاطوني/الأفلوطيني، يبدأ أوغسطين من الحادثة الواردة في الكتاب المقدس، القائلة أن الشمس توقفت عن المسير، بناء على دعوة يوشع، بينما استمر الزمان في سيره، ويخرج منها بتأكيد رأي أفلوطين في أنه لا يمكن ربط الزمان بحركة الفلك أو أي جسم ولا بأية حركة طبيعية، وبالتالي رفض كوزمولوجية الزمان أصلا. والزمان إذ ينتفي ارتباطه بالفلك يصبح حالا داخل النفس، إنه كما قال أفلوطين ليس إلا توترا
distension
في النفس. لكن أوغسطين بشر بالانتقال من مفهوم النفس الكلية إلى المفهوم الأجدر والأهم «النفس الفردية». وهذه - في رأينا - أهم إضافاته، والتي جعلته أبا للفلسفة الوجودية المعاصرة.
وقد أشار أوغسطين إلى أن النفس في ذات اللحظة الحاضرة تستحضر الماضي بالذاكرة وتتوقع المستقبل أو تتنبأ به بواسطة العقل والمخيلة؛ أي إن الماضي والحاضر والمستقبل تتجمع معا في عين اللحظة الحاضرة بواسطة قوتين أو عمليتين نفسيتين هما: الذاكرة، والمخيلة. معنى هذا أن النفس تستقطب الزمان في الحاضر. والديانة المسيحية - كأية ديانة سماوية - بما تحويه من لحظات فريدة غير قابلة للتكرار؛ كلحظة الخلق، وهبوط آدم، وتجسد المسيح ... إلخ، جعلت أوغسطين يرفض فكرة الزمان الدائري الأفلاطوني/الأفلوطيني أو اليوناني عموما. والزمان وإن كان غير دائري، فهو متصل غير منفصل، بل وذهب أوغسطين إلى أنه حتى غير مكون من آنات منفصلة، بل من استمرار دائم. بعبارة أخرى، الزمان مكون من حاضر مستمر، كما يوحي مفهوم الأبدية الذي هو حاضر دائم، وكما علمنا توتر النفس الذي يستجمع الزمان في اللحظة الحاضرة أو الحاضر. ويصل الأمر بأوغسطين إلى حد وضع ثلاثة أنواع للزمان: حاضر الأشياء الماضية، وحاضر الأشياء الحاضرة، وحاضر الأشياء المستقبلة.
وباستقطاب الزمان في الحاضر، والذي يؤكده أنه الماضي لم يعد موجودا والمستقبل لم يوجد بعد ، كان أوغسطين يثير أمهات مشاكل ومعالم الزمان اللاعقلاني، وأولها إنكار موضوعية بل وحقيقية الزمان أنه نفسي ذاتي غير حقيقي. فإذا كانت النفس تستقطبه في الحاضر، فإن الحاضر منقض، زائل دائما، غير موجود، ولا ديمومة له أبدا - أي: غير حقيقي - ليغدوا الزمان بأسره غير حقيقي. يقول أوغسطين: «وسنوك من جيل إلى جيل، لكن ما سنوك إلا سنون لا تجيء ولا تمضي، سنون لا تجيء لكي تزول. ففي الزمان حيث نعيش، كل يوم إنما يبتدئ لينتهي، وكل ساعة وكل شهر وكل عام، الجميع يمضي، قبل أن يكون فسيكون، ومتى كان فلن يكون.»
Bog aan la aqoon