Waqtiga Falsafada iyo Sayniska
الزمان في الفلسفة والعلم
Noocyada
4
إلا أن العلم وهو النجيب المعجز الأثير لدى العقل كان قد أحرز أولى ذراه الشاهقة بنظرية نيوتن. إنها أول محاولة ناجحة لبناء نسق شامل للعلم بالطبيعة، بالوجود الذي نحيا فيه، ويوازيها نجاح الفلسفات العقلانية في بناء أنساق شامخة، تتمكن من استيعاب الوجود بأسره في قلب فئة من التصورات. فكان الإيمان المطلق بالعقل، والارتكان إليه لتحقيق القول الفصل في كل أمر، وساد القرن الثامن عشر ما يعرف باسم عصر التنوير، عصر الإيمان بقدرة العقل، والعقل فحسب، على فض كل مغاليق هذا الوجود.
وكرد فعل متوقع للعقلانية التنويرية المتطرفة، أشرق القرن التاسع عشر في أحضان الحركة الرومانتيكية؛ لتتطرف في الاتجاه المضاد، وتعمل على إحياء العاطفة والإحساس والخيال على حساب العقل والمنطق والعلم، وتحاول تأكيد حرية الإنسان في مواجهة مد الحتمية العلمية الساحق الماحق، التي سادت أيما سيادة آنذاك.
وقد كانت الرومانتيكية، أساسا، رؤية فنية ونزعة أدبية تعني الاتجاه المقابل للكلاسيكية، ومن ثم الرافض لأسس علم الجمال الثابتة، ومعايير العمل الفني الراسخة. إن الاتجاهات الحديثة في الآداب والفنون؛ كاللامعقول والعبث والتجريد والتكعيبية والسيريالية ... امتداد لها. ولكن جذرية الرومانتيكية وشموليتها، وتواتر شعرائها العظام وأقطابها المتمكنين؛ أمثال: كولريدج، وشيلي، ووردزورث، ووليم بليك، وتوماس كارليل، وأيضا العملاق جوته. كل هذا جعل الرومانتيكية تخرج من حدود الآداب والفنون، وتأتي بمعان ورؤى لمقولات الفلسفة الأساسية: الحق، والخير، والجمال. وكان لها أيضا شعاب في التاريخ والسياسة، تقوم على الاعتقاد بلا نهاية التقدم في التاريخ، ونجعلها مسئولة عن نمو النزعات القومية التي تعد سمة مميزة للعصور الحديثة. وهكذا أصبحت الرومانتيكية حركة شاملة.
وقد تميزت طبعا بالعداء المتأجج للعقل وأحكامه وتحليلاته، واتجهت إلى الارتكان إلى الخيال والعاطفة ومشاعر القلب وحدوس الوجدان، وإطلاق الموقف الفردي، وتأكيد الحرية والاستقلال والبحث المشبوب عن اللامتناهي وعن الجدة والإبداع، والاشتياق لكل ما هو متميز وفريد وأصيل يأتي على غير مثال، والأنفة من المعتاد والمألوف والرتيب، والرفض لكل ما هو نمطي قانوني صوري نسقي ... ومنبع كل هذا إحساس الرومانتيكية الدافق بالحياة الخفاقة في الصدور، لا المتجردة في العقول كما تصورها قوانين العلم الخاوية، وأنساق الفلسفة العقلانية الباردة.
الرومانتيكية إذن أقوى تمثيل وأوضح بلورة للاعقلانية التي تتوغل جذورها على الخصوص في نزعات التصوف الفلسفي والديني، المعتمدة على المواجيد والمزدرية لأحكام العقل وشهادة الحواس، أما الامتداد الساطع للرومانتيكية في الفلسفة المعاصرة، فهو في الفلسفتين البيرجسونية والوجودية التي قامت لتأكيد حرية الإنسان وفردانيته من حيث هو جزئي عارض عيني متشخص، لا يندرج تحت أية بنية نسقية عقلانية.
5 •••
وبالعود إلى إشكاليتنا، إلى الزمان، نجده - كما أوضحنا - يتوغل في منتهى الموضوعية في صلب عالم العلم والوجود كما يتصوره العقل، وفي الآن نفسه يتوغل في منتهى الذاتية في قلب التجربة الداخلية، ووعي الإنسان الشعوري بديمومته وتناهيه، وبحثه التواق عن السرمدية في الآفاق الأبدية المترامية وراء حدود العقل التصوري. الزمان إذن محور أكثر من مثالي لتطبيق التناول الذي يحصر المتغيرات من خلال تياري العقلانية واللاعقلانية.
ويبدو فض متاهات معالجات إشكالية الزمان على هذا النحو مسألة ملائمة للغاية، إن لم نقل إنها ضرورة تفرض نفسها، حين نلاحظ الخلط الذي حدث بين الزمان والأبدية، وتصور الأبدية على أنها مجرد لا نهائية زمانية؛ أي: صفة لامتداد الزمان الطبيعي الفلكي بغير حدود وبغير نقطة بداية محددة، «فقد أخذ أرسطو بهذه النظرة التي لا تفرق بين مستويين من مستويات الوجود.»
6
Bog aan la aqoon