على لمحة قبيلة يزداد بها الناظر بصيرة على ما ذكرنا في المثل الأول. ولو تتبعنا ما تمثل به الصحابة في الوقائع، والتابعون وهلم جرا لكان وحده موضوعا.
الثاني في المثل الشعري وأقسامه. اعلم إنّ المثل معروف الحقيقة مما قدمنا فيه، وهو يكون نثرا تارة، وذلك أكثره، وقد يكون نظما. فان المثل، وإنّ كان سائرا، لكنه إذا نظم كان أسير له وأسهل على اللسان وأحسن، ثم إنّه قد يقع بيتا كاملا، وقد يقع نصف بيت أو ربعه أو نحو ذلك من الأجزاء. وسئل حماد الراوية بأي شيء فضل النابغة، فقال: إنّ النابغة إن تمثلت ببيت من شعره اكتفيت، مثل قوله:
حلفت فلم اترك لنفسك ريبة ... وليس وراء الله للمرء مطلب
بل لو تمثلت بنصف بيت من شعره اكتفيت به، وهو قوله: وليس وراء الله للمرء مطلب، بل لو تمثلت بربع بيت من شعره اكتفيت به، وهو قوله: أي الرجال المهذب. ومن ورود المثل بيتا مستقلا قول طرفة مثلا:
لعمرك إنّ الموت ما أخطأ الفتى ... لك الطول المرخى وثنياه باليد
وقول أبي الطيب:
ومن نكد الدنيا على المرء أن يرى ... عدوا له ما من صداقته بد
وهو كثير. ومن وروده نصف بيت الشطر الثاني من قول الحماسي مثلا:
عليك بالقصد فيما أنت فاعله ... إن التخلق يأتي دونه الخلق
ومن ورده ربعا الربع الأخير من قوله:
ولا يواتيك فيما ناب من حدث ... إلاّ أخو ثقة فأنظر بمن تثق
1 / 52