أراد: تحييه. وذلك أنهم كانوا في ذلك الزمان، إذا أراد الرجل منهم أن يحيي أخاه ويعظمه، سجد له. فكان السجود لهم في ذلك الزمان، بمنزلة المصافحة لنا اليوم.
من ذلك قول الله ﷿ ﴿وخروا له سُجَّدًا﴾ (٨٢)، فيه ثلاثة أقوال: (٢٠ / ب) أحدهن أن تكون / الهاء تعود على الله تعالى. فهذا القول لا نظر فيه، لأن المعنى: خروا لله سجدا.
وقال آخرون: الهاء تعود على يوسف، ومعنى السجود التحية؛ كأنه قال: وخروا ليوسف سجدًا سجود تحية، لا سجود عبادة. قال أبو بكر: سمعت أبا العباس يؤيد هذا القول ويختاره.
وقال الأخفش معنى الخرور في هذه الآية: المرور. قال: وليس معناه الوقوع والسقوط.
٢٣ - وقولهم: قد استَنْثَرَ الرجلُ
(٨٤)
قال أبو بكر: معناه قد أدخل الماء في أنفه، ويقال للأنف عند العرب: النثْرة. فاستنثر: استفعل من النثرة. أي: أدخل الماء في نثرته، وهي أنفه. (١٤٣)
وكذلك: استنشق الرجل، معناه: أدخل الماء في أنفه. وكذلك: استنشق الريح: إذا أدخلها في أنفه، واستنشق: استفعل. وقد يقال: قد (٨٥) تَنَشَّق الرجل: إذا أدخل ذلك في أنفه. قال الشاعر (٨٦):
(ومغترب بالمرجِ يبكي لشجوِهِ ... وقد غابَ عنه المسعدونَ على الحُبِّ)
(إذا ما أتاه الرَّكْبُ من نحوِ أرضها ... تنشَّقَ واستشفى برائحةِ الركبِ) تبع فيما كان منه من تعظيم البيت وكسوته. تاريخ الطبري. وقيل لمقبرة أهل المدينة: بقيع الغرقد، والغرقد ضرب من الشجر واحدته غرقدة. (ينظر: النهاية ٣ / ٣٦٢) .
_________
(٨٢) يوسف ١٠٠. وينظر في تفسيرها: زاد المسير ٤ / ٢٩٠ والقرطبي ٩ / ٢٦٤.
(٨٣) لم أقف على قولته.
(٨٤) غريب الحديث لابن قتيبة ١ / ١٥.
(٨٥) (قد) ساقطة من ك، ر.
(٨٦) علية بنت المهدي، وهما في الأغاني ١٠ / ١٨٢، الحماسة البصرية ٢ / ١٣٦، نزهة الجلسان في أشعار النساء ٨٣.
1 / 48