Yutuubiyada: Hordhac Kooban
اليوتوبية: مقدمة قصيرة جدا
Noocyada
المشكلة الرئيسية عند ريكور، كما كانت عند مانهايم، هي التأثير المتغلغل للأيديولوجية وكيف يمكن التعرف عليها من داخلها. وكما يقول ريكور: «نحن نفكر من منظورها بدلا من أن نفكر فيها.»
رأى مانهايم أن الانتقال بين الطبقات الاجتماعية، لا سيما لمن أطلق عليهم «المفكرين المتحررين»، أتاح لهم فهم الموقف من الخارج، وقال إن اليوتوبيا يمكن أن تكون مصححة للأيديولوجية. أما ريكور، فرأى أن إحدى وظائف اليوتوبيا هي تقويض الأيديولوجية.
من «اللامكان» ينشأ أصعب الأسئلة عن الماهية؛ ومن ثم تبدو اليوتوبيا في جوهرها المقابل الدقيق لمفهومنا الأساسي عن الأيديولوجية المتمثل في الإدماج الاجتماعي؛ فمهمة اليوتوبيا في المقابل هي الهدم الاجتماعي.
ويزعم ريكور أن اليوتوبيا تسمح بانتقاد الأيديولوجية دون الاضطرار إلى البعد عن تأثيرها، فيقول:
إليكم قناعتي: السبيل الوحيد للخروج من الحلقة المفرغة التي تدخلنا فيها الأيديولوجيات هو تبني فكر يوتوبي، وإعلانه، والحكم على إحدى الأيديولوجيات على هذا الأساس. ولأن المراقب المطلق [«المفكر المتحرر» عند مانهايم] مستحيل الوجود، يتولى شخص من داخل العملية نفسها مسئولية الحكم.
يزعم ريكور أنه من اللامكان الخاص باليوتوبيا يبدو واقعنا غريبا، فيقول: «أليست فانتازيا المجتمع البديل و«لامكان» منظوره الخارجي إحدى نقاط الخلاف العويصة فيما يتعلق بالماهية؟» إن قدرة اليوتوبيا على كشف النقاب عن الأيديولوجية عن طريق إيضاح وجود بدائل لها لهي بوضوح أحد جوانبها الإيجابية. ويرى ريكور أن قدرة اليوتوبيا على تحدي الأيديولوجية متجددة.
ويركز ريكور على نحو خاص على كيف أن اليوتوبيا تمثل طرقا بديلة لتوزيع السلطة، وأحيانا يبدو أنه يرى أن اليوتوبيات معنية في المقام الأول بالسلطة، بل وجعل ذلك أحد الجانبين الإيجابيين لليوتوبيا. وهذا منطقي فيما يتعلق بعلاقتها بالأيديولوجية؛ فدور الأيديولوجية هو تعزيز توزيع السلطة الحالي. أما دور اليوتوبيا، فهو هدم هذا التوزيع.
ورغم أن ريكور أمضى وقتا أطول في تناول الأيديولوجية مقارنة باليوتوبيا، فيبدو أن اليوتوبيا، في نهاية الأمر، أهم من الأيديولوجية، لكن كلا منهما تؤثر في الأخرى وتغير منها.
واليوم، لا يزال مصطلح الأيديولوجية يستخدم على نحو سلبي للإشارة إلى الطريقة التي تشوه بها معتقدات الآخرين الوضع الحقيقي، لكن يستخدمها أيضا علماء الاجتماع للإشارة إلى الأنظمة العقائدية، عادة العقائد السياسية هي التي تنظم نظرة الشخص إلى العالم. وهكذا أصبحت الأيديولوجية - غالبا دون الإشارة لليوتوبيا - نقطة نقاش محورية على الصعيد السياسي الدولي والمحلي، وتجري دراستها باعتبارها جزءا من الطريقة التي يفكر بها الناس سياسيا.
الأيديولوجية واليوتوبيا مرتبطتان ارتباطا وثيقا؛ فثمة يوتوبيا في صميم كل أيديولوجية. صورة إيجابية - بعضها غامض، وبعضها مسهب التفاصيل - عما سيكون عليه العالم إذا ما تحققت آمال الأيديولوجية. ومن الممكن أن تتحول يوتوبيا إلى أيديولوجية. ولا تتضح تماما العملية التي يمكن بموجبها أن تصبح اليوتوبيا أيديولوجية، وهي بلا شك تختلف من حالة لأخرى، لكن من المحتمل إن كانت اليوتوبيا جذابة وقوية على نحو كاف، فيمكنها أن تحول الأمل والرغبة إلى معتقد وفعل لتحقيق اليوتوبيا على أرض الواقع من خلال حركة سياسية أو اجتماعية. لا تمر أغلب اليوتوبيات بتلك العملية، وأغلب التي تمر بها تفشل، لكن إذا تحولت اليوتوبيا إلى منظومة عقائدية تنجح في الوصول إلى السلطة في مجتمع، أو بلد صغير، أو حتى عدد من البلدان، فأغلب الظن أنها ستتحول إلى أيديولوجية. وعند تلك المرحلة، ستتحداها يوتوبيا أو أكثر قد تنجح - لكنها في الغالب لن تنجح - في الإطاحة بالأيديولوجية، ولكن، بحسب زعم مانهايم وريكور، اليوتوبيا هي السبيل الذي من خلاله يمكن تحدي الأيديولوجيات.
Bog aan la aqoon