فها هنا اسم «شرشل» واسم «ونستون» ولقب اللوردية والعمل في الجندية، فمن يكون هذا الضيف الشرقي أو المستشرق من تلك الأسرة التي لا تذكره ولا تذكر الشرق كله بخير؟
إن صاحب المذكرات الدكتور شاكر بك الخوري قد يدعوك على الابتسام بأسلوبه الكتابي وغرائب عصره، ولكنه كان ولا شك من ذوي الاتصال الوثيق بتاريخ الأسر الشرقية، وكان من الطلاب اللبنانيين القلائل الذين سمح لهم بحضور الدروس الطبية في مدرسة القصر العيني برعاية الخديو إسماعيل، ولما حضرت السيدة حسن جهان قرينة الأمير بشير قاسم الشهابي إلى مصر، كان هو الطبيب الذي اختاره الأمير لمعالجتها والعناية بها، ثم ندب للسفر معها عند عودتها، ثم وقع عليه الاختيار لمصاحبة أسرة روزفلت في رحلتها النيلية منذ نحو خمسين سنة، وعلى رأسها السيدة روزفلت الأم ومعها ولداها: كرنيليوس، وفرنكلين الذي تولى الرئاسة وتوفي منذ بضع سنوات.
فإذا كتب رجل كهذا خبرا عن أسرة شرشل وعلاقتها بالأسر الشرقية، فهي كتابة مطلع يعلم ما يقول، وأبعد ما يكون عن احتمال أن تكون القصة كلها من قصص المشابهة في الأسماء؛ لأن أسر النبلاء الإنجليز لم يتكرر فيها اسم أسرة شرشل واسم ونستون على الخصوص.
فمن يكون شرشل بك هذا من أسلاف السير وأبناء الدوق؟ ومن في لبنان اليوم من ذرية بناته أو من ذريته هو بعد زواجه من إحدى السيدات اللبنانيات؟ وكيف يكون الاتصال بين شرشل اللبناني وشرشل الإنجليزي إذا تعارفا اليوم معرفة الأقارب والأصهار.
إن وجد في لبنان من يذكر هذا النسب، فخير ما تصنعه لبنان أن تجنده لمفاوضة قريبه نصير الصهيونية في مشكلة إسرائيل، أو تجنده لإقناعه بحق الشرف وحق بنيه، ومنهم عمومة له وأخوال!
طرائف التاريخ القريب
على أن الدكتور شاكر الخوري جدير - بحقه الشخصي - أن يذكر في سياق التاريخ وفي سياق اللغة وفي سياق الفكاهة، فإنه على أسلوبه المضحك يحسن الفكاهة ويقبلها إذا أصابته، وقد أصابه منها الكثير وضجر منه، ولكنه أحاله على الطبيعة المصرية التي لا تعذر أحدا وقع في طريق القافية.
الحمار صاحب السعادة
ومن فكاهته أن الطبيب الكبير «محمد علي البقلي باشا» كان يلقي درسه المشهور، وكان من هيبته يخيف الطلاب فلا ينبس أحدهم بكلمة في حصته، ويخيف الموظفين بالمستشفى فيمنعون كل ضوضاء فيه ومن حوله، ولكنهم في ذلك اليوم سمعوا ضجة عالية يتخللها نهيق حمير وصياح أناس هنا وهناك، فنظر الدكتور البقلي إلى طالب سوري اسمه بشارة وأمره أن يتعرف جلية الخبر، فجاءه بعد لحظة بخبر عن حمار الباشا، لم يدر كيف يلقبه وكيف يتكلم عنه وهو - في عرف الطالب - حمار لا يمكن أن يشبه الحمير.
قال: «إن سعادة حمارك عندما رأى دابة مصطفى أفندي ابتدأ بالنهيق.»
Bog aan la aqoon