169

ولما صرح سعد بهذا الرأي في مجلس الوزراء، اشترط رئيسه بطرس غالي أن يتولى سعد عرضه على الجمعية ليشرح وجهة النظر فيه، وكان يظن أن سعدا يرفض هذا الشرط محافظة على سمعته، فلم يبال سعد بالسمعة في سبيل المصلحة القومية، وقبل ما اشترطه رئيس الوزراء.

إن هذه المعلومات مما يعرفه أنصار سعد وخصومه، ولهذا لا نكتفي فيها بما نعرفه ونحيل القراء من بين الأسانيد الكثيرة على شرح المسألة كلها في مذكرات أحمد شفيق باشا، الذي طالما غمز سعدا وصرح بلومه في المذكرات والحوليات.

جاء في الصفحة ال (186) من المجلد الثالث من المذكرات «وكان المستشار المالي يميل إلى الأخذ بهذه الفكرة، وكذلك السير جورست وبطرس باشا، إلا أن الرأي العام كان ضدها، وكذلك بعض النظار كسعد باشا ورشدي باشا ومحمد سعيد باشا.»

ثم قال شفيق باشا: «ووردت لنا برقيات من محمود سليمان باشا وعلي شعراوي باشا وأحمد يحيى باشا، يطلبون فيها طرح المشروع على الجمعية العمومية.»

ولا يخفى على أحد أن هؤلاء الأعيان هم حزب سعد في الجمعية العمومية أو الجمعية التشريعية، أو الوفد المصري عند تأليفه عقب الحرب العالمية الأولى.

ثم عاد شفيق باشا في الصفحة ال (204) فقال: «وتقرر عرضها على الجمعية العمومية لأخذ الرأي فيها، على شرط أن يتولى سعد زغلول باشا الدفاع عن وجهة نظر الحكومة.»

ولا يخفي أيضا معنى هذا الشرط.

فمعناه الواضح أن سعدا هو الذي يريد عرض المشروع على الجمعية، وأنهم يشترطون عليه الشروط لقبول اقتراحه، ولو كان موافقا للمشروع لما كان ثمة معنى للاشتراط عليه.

إن أناسا كثيرين لا يبالون بالمصلحة في سبيل السمعة، أما أن يتعالى الرجل عن السمعة نفسها غيرة على مصلحة قومه، فتلك منزلة من الرفعة لا يسمو إليها إلا من هو أهلها، وأهلها في هذه الدنيا قليلون، بل جد قليلين.

يقظة أفريقيا1

Bog aan la aqoon