168

إنهم أناس لا يكتبون سطرا إلا زعموا فيه أنهم يكشفون من بواطن التاريخ المصري ما يجهله الحاضر والماضي والرائح والغادي، ولا يطلع أحد غيرهم على بعض خباياه.

قرأت اليوم في صحيفة من صحف الكشوف التاريخية النادرة، أن سعد زغلول بنى بيت الأسرة في أبيانة سنة 1908 ليستقبل فيه الخديو عباس الثاني، يوم كان الوفد والقصر على وفاق.

وفي سنة 1908 لم يكن في مصر شيء يسمى الوفد.

وزيارة الخديو لبيوت الأعيان بالوجه البحري، إنما كانت في صيف سنة 1914 قبل رحلته إلى الآستانة!

وندرك المؤرخين الكشافين بهذا التصحيح؛ ليقفوا هنيهة ولا يسترسلوا خطوة أخرى من خطواتهم الخفية.

ولعلهم - لو لم ندركهم - قائلون في الخطوة التالية: إن سعدا خان أمانة الوفد والأمة باستقبال الأمير، وإنه جدد بيت الأسرة بكذا وكذا من أموال المتبرعين!

سعد زغلول وقناة السويس1

عدت من الإسكندرية فوجدت في بريدي رسائل كثيرة، يسألني أصحابها عن موقف سعد زغلول في مسألة قناة السويس؛ عن اقتراح الشركة مد أجل الامتياز بعد انتهائه، وبعض أصحاب هذه الرسائل يسألونني عن هذا الموقف، لعلمهم أنني قد ألفت كتابا ضخما في الترجمة لسعد، وأنني قد حضرت هذه المسألة يوم عرضها، وكنت ممن رفضوا ذلك الاقتراح.

ولا أحب أن أطيل الشرح والتفصيل، ولكنني أقول موجزا إن سعدا لو ذهبت جميع أعماله وبقي منها عمله في هذه المسألة، لكان وحده كفيلا له بالمجد الذي تعنو له الرءوس.

لقد عرضت الشركة اقتراحها بموافقة المعتمد البريطاني والمستشار المالي الإنجليزي، فقبله أكثر الوزراء وعارضه سعد ورشدي ومحمد سعيد، وعلم سعد أن المسألة ستنتهي بالموافقة على اقتراح الشركة إذا فصل فيها مجلس الوزراء، فاتفق مع أصدقائه من أعضاء الجمعية العمومية على المطالبة بعرض المشروع عليها، واعتبار رأيها فيه قاطعا لأول مرة في أمثال هذا المشروع الذي لا يخولها القانون النظامي رأيا قاطعا فيه.

Bog aan la aqoon