فلا جرم يحب هذه البقاع التي أراها أمامي الساعة ويراها الأبد كل ساعة؛ لأنها حلت له المشكلة أيسر الحلول، وشهد فيها بعينيه أنها تحفظ الأجساد من البلى بغير حاجة إلى التحنيط.
ولهذا يختارها لمثواه الأخير.
يا للإنسان من الموت! ويا للموت من الإنسان!
إن حبه لحياته لا ينتهي عند القبر ولا عند يوم القيامة، ولولا ذلك لما دامت قداسة الذكرى ولا كانت آمال الخلود.
كارل ماركس يفتري على أستاذه1
لي أصدقاء أعزاء أعرفهم ويعرفونني، ويزيدهم إعزازا عندي أنني عرفتهم بالسماع فلم أرهم ولم يروني، ولم تكن بيننا من واسطة للتعارف إلا ما أكتبه في الصحف وما يكتبونه إلي بالبريد.
هؤلاء الأصدقاء أنا حريص على صداقتهم، محتفظ بها على شريطة واحدة معقولة وأخالها مقبولة؛ وهي ألا تكلفني هذه الصداقة أن أدخل نفسي إلى قفص الاتهام طوعا كلما سمعوا كلاما عني يسوءهم، ويريدون أن يدفعوه فلا يجدون أحدا غيري يتكفل لهم بهذا الدفاع.
ومن هؤلاء الأصدقاء، رجل حسن النية يساق إلى طريق الشيوعيين أو يسوقون أنفسهم إليه، فيغيظونه بما يقولون عني؛ لأنني بحمد الله أغيظهم ذلك الغيظ الذي لا يشفيهم منه البذاء والعواء؛ لأنهم أول من يعلم أنه افتراء.
هذا الصديق على البعد يسومني أن أدخل قفص الاتهام كلما سمع من القوم فرية ينسبونها إلينا، ولست أريد منه ولا من أمثاله المخلصين أن يؤمنوا بالعصمة على الغيب، ولكني أريد منه ومنهم ألا يؤمنوا بالفرية المسموعة بغير دليل، فلا يطلب مني أن أقف موقف الدفاع، قبل أن يطلب منهم البرهان على الدعوى. ولا يظن أنني فارغ الوقت لكل ما يقولون ويتقولون، ولا أنهم قوم يحفل لهم بشهادة حق أو باطل، وهم باعتراف أساتذتهم الأولين لا يدينون بالحق ولا بالباطل كلما ضاقت بهم حبائل الدعاية والتضليل.
شنشنة معهودة
Bog aan la aqoon