لجمهور الجالسين الذين تبعثروا في أنحاء الغرفة
31
يمينا ويسارا وأعلى وأسفل
32
وفوق الأرض، كان × تجربة سيمر بها كل منهم وبعضهم مر بها من قبل. فكل منهم سيجلس مكان × إن عاجلا أو آجلا وسيتكلم، ولهذا كانت نظراتهم تتابع ارتعاش أصابعه باهتمام وتحاول أن تتبين على وجهه آثار ارتباكه، وتتابع كلامه في لهفة حتى يكشف عن اضطراب عندما يتلعثم في الكلام. وكانوا جميعا يوشكون على الابتسام في إشفاق من إدراكهم لحتمية اضطراب ×. لكن × خيب ظنهم واستطاع أن يواصل الحديث.
استرخى الجالسون في أماكنهم وقد بدأ كل منهم يتابع بنصف انتباه ما يقوله × وبالنصف الآخر يستدعي من ذاكرته ما يعرفه عنه أو يتأمله من خلال عاطفة نحوه.
والحقيقة لم يكن بينهم من يكرهه. ولم يكن بينهم أيضا من يحبه. وربما السبب في ذلك هو أنه كان مغلقا على نفسه لا يسمح لأحد أن يقترب منه أبدا. كان يشك دائما في الناس؛ في كلماتهم وما يختفي وراءها. ولا بد أن في طفولته وصباه الباكر تفسير هذا كله. لكن أحدا لم يكن يعلم شيئا عن طفولته وظروف نشأته. وقد كان يحدث أن يوجه إليه الآخرون أسئلة عابرة عن أسرته فيجيب ببساطة: أبوه الموظف وأمه وإخوته. كان يفهم ما وراء هذه الأسئلة فيريد أن يقطع على السائل الطريق. وعندما كان يبدي في تصرفاته حساسية معينة ويتأثر بسرعة من تصرفات الآخرين فينكمش على نفسه. لكنه كان يضطر للحديث كثيرا. وقد كانت تأتي لحظات لا بد وأن يتكلم فيها.
فما إن يفتح أحد أمامه موضوع الصحافة حتى يتوفز ويتكلم بلهجة فخمة وشعور جارف بأنه يعرف أكثر الناس، وله طريقة في الحديث هنا فيها القطع والثقة (في كلمته إشارة لزميل له في لندن ...) لكنه لم يلبث أن اكتشف أن هناك من يعرف أحسن منه. وكان يؤلمه أيضا أن زملاءه أخذوا الفرصة ومنهم من اشتهر الآن في الصحف والتليفزيون، فكان يؤكد معارضته للجميع.
ولأنه شاب ومع شباب فقد كان الحديث يتطرق دائما إلى النساء. وكل الناس لديها قصص. وحكى هو قصة معينة. كانت القصة مخرجة إخراجا دقيقا. واضطر أن يعترف لأحد الناس بأنه يعاني من النقص في هذا الميدان. ولهذا كان لا بد أن يقف في جانب مضاد للجميع.
وكان لا بد أن تأتي اللحظة التي يشعر فيها بالحاجة إلى آخر. مزيد من العزلة وتأكيد اختلافه مع الجميع ورغبته في الابتعاد عنهم وهجرانهم وفقد الانتماء و(الابتعاد والإدارة من خلال واحد آخر - النوم طول اليوم).
Bog aan la aqoon