والمجاز: يستعمل في سكون النفس وهو زوال الشك، والإثبات، فيقال: سكنت نفسه إلى أن للعالم صانعا صنعه إذا اطمأن إلى ذلك وزال عنها الشك [41ب] والإثبات، ويستعمل في سكون الغضب، يقال: سكن غضبه إذا زال وارتفع، والمقصود هاهنا سكون النفس فقرنه الشيخ بالنفس لتميزه.
قال: والمراد بذلك كما نبه القلب التي معها تزول الشك، والتجويز، وهي الفرقة التي يجدها الواحد منا من نفسه بين أن يعتقد كون زيد في الدار بالمشاهدة، وبين أن يعتقد بكونه فيها بخبر واحد من آحاد الناس فإنه يخبر للمشاهدة مرئية على غير ذلك الرجل تلك المرية التي عبرنا عنها بسكون النفس، وقد يميز العلم بما ذكرنا عن التقليد؛ لأن المقلد وإن سكنت نفسه، ولكن السكون غير مقتض عن التقليد، وإنما فعله المقلد عنده.
وأما أسماء المعرفة فهي معرفة، وعلم، وفهم، وفقه، ودراية، فهذه ألفاظ مترادفة، ومعناها واحد بدليل أنه لا يجوز أن تثبت بأحد اللفظين، وينفى بالآخر فلا يجوز أن يقال: علمت، وما عرفت، أو عرفت وما علمت، أو فهمت وما فهمت، أو دريت وما علمت، بل يعد من قال ذلك مناقضا لكلامه جاريا مجرى من يقول: عملت وما عملت أو عرفت وما عرفت.
وأما حقيقة المناقضة فهي أن يثبت في آخر الكلام ما يعينه بأوله، أو ينفي بأول الكلام ما أثبت بآخره.
وأما قسمتها فهي تنقسم إلى أقسام ثلاثة: مناقضة في اللفظ والمعنى، ومناقضة في المعنى دون اللفظ، ومناقضة في اللفظ والمعنى، فحقيقته أن يثبت المعنى وينفيه بلفظين على صفة واحدة، نحو أن يقول: علمت وما علمت.
وأما المناقضة في اللفظ دون المعنى فحقيقتها ليثبت أحد المعنيين، وينفي الآخر بلفظ واحد، ومثاله أن يقول: الجمل يذبح ويشوى، والجمل لا يذبح ولا يشوى، ويريد بالأول ولد الشاة يثبت بالمعنى، وبالثاني النجم.
وأما المناقضة في المعنى دون اللفظ فحقيقتها أن يثبت المعنى وينفيه بلفظين مختلفين، ومثاله أن يقول: عرفت وما علمت.
Bogga 73