184

Yaqutat Ghiyasa

ياقوتة الغياصة الجامعة لمعاني الخلاصة

Noocyada

قال مشائخنا (رحمهم الله تعالى): وليس لهم أن ينقلبوا على أبي الهذيل فيقولوا فإنها سبق إليه عندكم؛ لأن لأبي الهذيل أن يقول: الكون المطلق الحاصل عند ابتداء حدوثه وليس بحركة ولا سكون كما قدمنا بيانه وليس لهم أن يقولوا السابق إليه الكون المطلق؛ لأنه لا يعقل في مذهبهم على قدم الهيولي والصورة؛ لأنه إنما استقام لنا بقولنا بحدوث الجوهر، ويكون الكون المطلق أول ما حصل فيه وليس بحركة؛ لأن الحركة نقله من جهة إلى جهة ولم تكن موجودا قبل حدوثه في جهة بين ولا سكون؛ لأنه لم يثبت في حالة الحدوث فأما مع القول بالقدم فقد كانت الجواهر موجودة قبل حدوثه في حالة الكون المطلق فلا يمكنهم القول به.

قلت: ولهم أن يقولوا إن التحييز متحدد عندنا بعد أن لم يكن وقبل حصوله ولم تكن كائنة في جهة فيعقل أن يكون السابق عند تحدد السابق هو الكون المطلق ويكون [93ب] تحدد المتحيز عندنا كتحدد الوجود عندكم، ومتى قالوا هذا كان الجواب أن هذا بنا منكم على أصل فاسد، وهو أن الجوهر يوجد غير متحيز وقد بينا فساده، وهذه الدلالة أوردها أبو الهذيل على أصحاب الهيولي من مجلس المأمون، فقالوا له مثل هذا يلزمك فإنها السابق عندكم، فقال لهم الكون المطلق نحن لا نقول أن الجواهر كانت موجودة قبل حدوث الأعراض بل كانت معدومة، وعند وجودها وجد الكون، وعندكم كانت موجودة قبل وجود أول الأكوان فيها يلزمكم ما ذكرنا.

الدليل الرابع: أن يقول لهم الجوهران عند وجودهما لا يخلو إما أن يكون بينهما ثوب ومسافة أم لا إن لم يكن بينهما ثوب ومسافة فهو الاجتماع، وإن كان فهو الإفتراق وثبت ما قلناه بان الاجتماع والإفتراق كونان.

Bogga 187