الوجه الخامس: ماناظر به أبو الهذيل [82ب] بعض نفاة الأعراض فقال له: كم حد الزاني؟ قال: مائة جلدة. فقال: كم حد القاذف؟ فقال: ثمانين جلدة، فقال: كم الذي يليهما؟ فقال: عشرون، فقال: فهذه العشرون الجالد أو المجلود أو السوط؟ فقال: لا الجالد ولا المجلود، ولا السوط، فقال: ماهي؟ قال: لا شيء. قال: كأنك قلت لا شيء زائدا على ثمانين لا شيء بعشرين لا شيء فثبت بهذه الوجوه أن هذه أمور زائدة وبطل قول المخالف.
وأما الذي يدل على بطلان ما ذهب إليه أبو الحسين، وابن الملاحمي من نفي الكون وإثبات كونه كائنا لفاعل فوجوده نذكر منها ثلاثة:
الأول: أن الواحد منا لو كان قادرا على تحريك الجسم أو تسكينه من دون اتخاذ معنى لوجب أن يكون قادرا على اتخاذ ذات الجسم، وإنما قلنا: إن الواحد منا لو كان قادرا على تحريك الجسم أو تسكينه من دون اتخاذ معنى لوجب أن يكون قادرا على اتخاذ ذاته، فالذي يدل عليه أن القادر لا يقدر أن يجعل الذات على صفة من دون اتخاذ معنى فيها تؤثر في تلك الصفة، إلا أن يكون قادرا على اتخاذ تلك الذات، دليله كلام الواحد منا فإنه لما كان قادرا على اتخاذ ذاته قدر على أن يجعله على أي صفة أراد من كونه أمرا أو نهيا أو خبرا، وعكسه كلام الغير فإنه لما لم يقدر على اتخاذ ذاته لم يقدر على أن يجعله صفة.
Bogga 161