353

وعقد الأمير منوچهر «8» المأتم ثلاثة «9» أيام على رسم الجيل في حسر الرؤوس، وضرب النفوس، ورفض المنام، وهجر الطعام. ولما قضى أيام المعزى، نسي المقبور، واستؤنف السرور «1»:

كأن لم يكن بين الحجون إلى الصفا ... أنيس ولم يسمر بمكة سامر «2»

ولما سمع القادر بالله أمير المؤمنين بخبر شمس المعالي، واستئثار قضاء الله به، خاطب الأمير منوچهر [200 ب] معزيا ومسليا، ولقبه ب (فلك المعالي) مشرفا «3» ومحليا.

وعزم الله له على الصواب في اختياره، والرشد في إيثاره، ففزع إلى السلطان يمين الدولة وأمين الملة معتصما بحبله، معتصرا بظله، مستظهرا بطاعته، مستبصرا «4» في مشايعته، مستغشيا رداء عنايته، متلافيا وهن المصاب بقوة إشباله ورعايته. وأنهض عدة من ثقات بابه بمبار موفورة، ونفائس مذخورة، ورسائل على صدق الإخلاص وصفو الإمحاص «5» مقصورة؛ فصادف ما رجاه رغبة في موالاته، وحرصا على تقمن «6» مرضاته.

وتردد السفراء بينهما على ربابة هذه الحال، وتوكيد عقدة الوصال.

Bogga 368