وفعلن ذلك دائبات «7» على القلق، ثابتات «8» على الجوى والأرق. فلما وصل الغلام إلى الدار، فإذا «1» هي كالقاع القرق «2» لا يلم بها نافخ ضرمة «3»، ولا معلق وذمة، فبقي حيران وسأل الجيران، فأخبروه بصورة الكتاب، وما خيف من الفضيحة بالعقاب، فدعا وا ويلاه، ولعن [الكاتب ومن والاه، و] «4» الكتاب ومن أملاه. واحتال في رد العيال بضمان أكده، وإحسان جدده.
وبلغ الخبر السلطان، فضحك لا حتيال الشار عليه، وقال: كذا حق مثله ممن يستخدم الشار «5» كاتبا، ووضع حرمته بالأمس جانبا. ولما حمل هو إلى «6» الباب، تقدم السلطان بتجريده للسياط تأديبا له على ما [187 أ] أغفله من حق النعمة، وهتكه من ستر الحشمة، فجرد لها، وأخذته عذبات العذاب، فأكثر الضراعة والاستكانة، وشكا الذل والمهانة. فلما استوفى التأديب حقه، دون أن يبلغ النكير منتهاه، والعقاب أمده ومداه، أمر بإنزاله، واعتقاله في موضع يصلح لأمثاله، وأمر بمواساته والتوسيع عليه في أقواته، [ومداواة جراحاته] «7» من حيث لا يشعر بإذنه فيه «8»، وفيما أباحه له من الترفيه، كرما سرى في تضاعيف مزاجه ولا سراية «9» الخمر في عروق البشر، والماء في أصول الشجر.
والتمس إسعافه بغلام «10» كان حظيا عنده، فرد عليه، وأعيد بعض ما يصلحه إليه.
Bogga 344