ومازال منا حيث كان مسود ... تسير المنايا حيث سارت كتائبه «6» ومما يعد من مفاخره نجيبان له: أبو الفضل وأبو إبراهيم، عبيد الله وإسماعيل ابنا أحمد. كل منهما بدر في ضيائه وعلائه، وبحر في تياره ونمائه، غير أن أبا الفضل أبرع في لطائف الأدب، وأنظم لقلائد العرب. وقد سار له من النظم والنثر ما يزري حبره بوشي صنعاء، وزهره بروض شهباء «1». فمن فصول كلامه: [144 أ]
«وصل «2» كتاب الشيخ فأذعنت القلوب لفضله بالاعتراف، واختلفت الألسنة في وصفه «3» ببدائع الأوصاف، فمن مدع أنه رقية الوصل، وريقة النحل، ومنتحل أنه عقد النحر، وعقد السحر، وسمط الدر، وقائل هو سلاف العنقود، ونظم العقود، فأما أنا فتركت التمثيل، وسلكت التحصيل، وقلت: هو سماء فضل جادت بصوب الحكم، ووشي طبع حاكه سن القلم، ونسيم خلق تنفس عنه روض الكرم» «4».
وأيضا له:
«وصل كتابك فكان أحسن من روض الربيع، وريط «5» الوشي الصنيع، فلقيته «6» بحلبة الإحسان والإبداع، وحيلة النواظر والأسماع، ومسن الخواطر والطباع، وصيقل الأفكار والألباب، وعيار المعارف والآداب، واجتليت منه تميمة فضل، ويتيمة مجد، وثمينة عقد، ولطيمة خلق، وغنيمة بر، يجلو صفحة العهد، ويجيل قدح الأنس، ويجل عن قدر الشكر، كلام أعذب من فرات المطر، وأعبق من فتات المسك والعنبر، يزري بنور الخمائل، وقد عطرتها أنفاس الشمائل» «7».
Bogga 264