210

وكان خلف بن أحمد مغشي «6» الجناب من أطراف البلاد، لسماحة كفه، وغزارة سيبه، وإفضاله على أهل العلم وحزبه. وقد مدح على ألسنة الشعراء والعلماء بما هو سائر، وذكره في الآفاق «7» طائر. وكان قد جمع العلماء على تصنيف كتاب في تفسير كتاب الله تعالى، [118 ب] لم يغادر فيه حرفا من أقاويل المفسرين، وتأويل المتأولين، ونكت المذكرين. وأتبع ذلك بوجوه القراءات، وعلل النحو والتصريف، وعلامات التذكير والتأنيث، ووشحه «1» بما رواه عن الثقات الأثبات [من الحديث] «2». وبلغني أنه أنفق عليهم مدة اشتغالهم بمعونته على جمعه وتصنيفه عشرين ألف دينار، ونسخته «3» بنيسابور موجودة في مدرسة الصابوني «4»، لكنها تستغرق عمر الكاتب «5»، وتستنفد حبر «6» الناسخ، إلا أن يتقاسمها النساخ «7» بالخطوط المختلفة. وأخبرني أبو الفتح [علي بن محمد] «8» البستي [رحمه الله] «9»، قال: كنت عملت فيه ثلاثة أبيات من غير قصد لتبليغها إياه، لكنها سارت على ألسنة الرواة «10» إليه، فلم أشعر إلا بصرة فيها ثلثمائة دينار أتحفني بها على يد بعض ثقاته صلة لي على ما قلته وعملته. والأبيات هذه:

خلف بن أحمد أحمد الأخلاف ... أربى بسؤدده على الأسلاف

خلف بن أحمد في الحقيقة واحد ... لكنه مرب على الآلاف

أضحى لآل الليث «11» أعلام الورى ... مثل النبي لآل عبد مناف «12»

Bogga 218