116

ودنا الفريقان بعضهم من بعض، فلم يرع ميسرة أبي علي إلا رهج «8» ثار عليهم من وراء قرية قرضتهم ذات اليمين، فإذا هم بالأمير سيف الدولة في الطم «9» والرم «10»، والليل المدلهم، فتزلزلت أقدامهم، وضلت «11» أحلامهم وأفهامهم، ورأوا أن قلب أبي علي قد [64 أ] حمل على قلب الأمير سبكتكين، فساعدوهم على حملتهم تفاديا عن إيقاع الأمير سيف الدولة بهم «1» فمزقوا مصفه «2»، ونفضوا عن الزحام موقفه، فوقف لهم الأمير سبكتكين فيمن احتف به، والتف عليه من خواص غلمانه، ورد حملتهم في وجوههم، فارتدوا على أدبارهم. وقد أطل «3» سيف الدولة عليهم من ورائهم، فبقوا محصورين بين العسكرين، وأخذتهم السيوف من كلا الجانبين. وثار قتام «4» خلط البعض بالبعض، فلم يسمع غير وقع البيض على بيض المفارق، وحطم الدبابيس ما بين الطلى «5» والعواتق.

وظلت خراطيم الفيول تسلب الفرسان عن صهوات الخيول، وتلحق القاتل بالمقتول.

وبلغ سيف الدولة من الإيقاع بهم، والإيجاع فيهم، والانتقام منهم، وصب السيوف عليهم مبلغا «6» لو سمع به رستم «7» في زمانه، لزهته خدمة عنانه، وهذبته آداب سيفه وسنانه.

وفات بعض المحصورين «8» ببقايا المهج تحت غواشي الرهج، وبرذايا «9» الأرواح من بين مشتجر الرماح، فانجلت المعركة عن قتلى مضرجين «10» في الدماء، وجرحى مطرحين على العراء، وأسرى آيسين من الفداء. وركب سيف الدولة أكتاف الفل، فأسر منهم من قصر عن اقتحام شعاب الجبل، وعمي عليه وجوه تلك المغارات والمدخل.

Bogga 123