Yuhuudda ee Caqiidada iyo Taariikhda
اليهودية في العقيدة والتاريخ
Noocyada
تأليف
عصام الدين حفني ناصف
نشوء العقيدة الدينية
(1) حيرة الإنسان البدائي
جاوز الإنسان البدائي أولى مراحل تطوره، وسار فيه شوطا آخر نمت خلاله مقدرته على التفكير والتعبير، فجعل يرقب ما بين يديه من ظواهر الطبيعة. وقد انتشر عليه رأيه من جراء ما يعتور هذه الظواهر من تغيرات راتبة دورية أو عنيفة فجائية، فجعل يسائل نفسه عن مولد اليوم ومماته: كيف ينتشر ضوء الفجر بعد السحر اللجيني ثم يمتد الصبح حتى يصير نهارا بينا ويرتفع الضحى وتحم الظهيرة، ثم يأخذ صهدان الشمس يفتر رويدا رويدا حتى المغيب فيبين الشفق العسجدي؟ وهذا القمر يتسق بدرا ثم لا ينفك يتضاءل أمام ناظريه حتى يستخفي محاقا؟ وهذه النجوم الزاهرة المنتثرة، والشهب المندثرة، والكسوف والخسوف؟ وهذه الفصول الأربعة تتخالف ألوانها وتتميز خصائصها؟ وهذه السحب المدفوعة وما تسحه من أمطار؟ وقوس قزح، تلك التي تتراءى في اليوم المطير؟ وهذا السيل الجارف والجدول المنساب يترقرق ماؤه زلالا، والبركة الساجية لا يغشى الموج صفحتها، فهي تعكس طلعة الناظر الدهش، وهذا البحر لا يدرك الطرف مداه، والمد والجزر؟
وهذه الأزهار ذات الأرج المنعش، والغابات الكثيفة تصوت فيها فيرتد إليك رجع الصدى؟ والريح العصوف تقتلع الأشجار وتقلقل الأحجار، وجلمود الصخر يحطه السيل من عل؟ والبروق الملعلعة والرعود المدوية يصم هزيمها الأسماع؟ وهذه الجبال المكللة قللها بالجليد الناصع تندلع من فوهاتها ألسنة النيران؟ كل شيء من ذلك يبدو له وكأنما تضطرب فيه قوى وتأثيرات هي وإن لم تدركها الحواس حقائق ماثلة.
وبعد هذا كله أعجوبة الولادة وغموض سر الموت؟ ورؤى المنام؟ يرى البدائي إذا غشيه النعاس أنه يجول ويصول في غابته المحبوبة ويصرع حيوانا مكتنزا فيمتلئ شبعا وريا من لحمه الشهي، ثم يهب من نومه فإذا هو لم يزل، حيث رقد، يتضور من أوار العطش وسعار الجوع.
كانت تلك كلها أمورا غامضة تخفى عليه؛ فقد استترت عنه طبائع الأشياء، واستبهمت لديه الأسباب والنتائج، ولم يتوافر له من العلم ما يصل به بين العلة والمعلول في عالم المنظور.
وأهل جزائر ماليزيا يدعون القوة الغامضة غير الشخصية «مانا»
Mana ، فإذا وفق امرؤ في القتال، فإنما يرجع الفضل في تفوقه إلى «مانا» روح أحد الموتى الشجعان، وإذا أصاب امرؤ نجاحا مرموقا في زراعته أو في تربية ماشيته، فذلك أيضا من المانا الكامنة في بعض الأحجار أو في التمائم المناطة بعنقه أو في خصلة أوراق النبات التي يزين بها حزامه. ويتحدث أهل مراكش عن «البركة» فهناك أشياء: آبار وينابيع ومغارات لها خاصة تبث الخصب في الأرض أو تهب لورادها وحجاجها البرء من الأسقام. وقد كان سلاطين مراكش يمنون على رعاياهم ببركتهم. وكان الإنجليز إلى عهد قريب يعزون إلى ملوكهم قوة سحرية؛ فهم يستطيعون بلمسة اليد أن يبرءوا المصابين بالداء الخنزيري المسمى داء الملوك،
Bog aan la aqoon